البول المدلول عليه بجملة « يبول » كما في قوله عزّ من قائل ( اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى ) (١) ومعنى ينتره أنه يجذب البول ، وانجذاب البول المتخلف في الطريق لا يتحقّق بعصر نفس القضيب ، لأن الاختبار أقوى شاهد على أن المتخلف من البول بين المقعدة وأصل القضيب أكثر من المتخلف في القضيب ، بحيث لو عصرت ما بينهما لرأيت أن البول يتقاطر من القضيب بأزيد مما يخرج في مسح القضيب ، وعليه فالرواية تدل على اعتبار عصر ما بين المقعدة ونهاية القضيب وجذب البول المتخلف فيما بينهما ثلاثاً ، وما بين المقعدة ونهاية الذكر قطعات ثلاث وهي : ما بين المقعدة والأنثيين والقضيب ، والحشفة ، ومسح القطعات الثلاثة ثلاثاً تبلغ تسع مسحات كما تقدم ، فالرواية دلت على اعتبار المسحات التسع من دون أن تعتبر الترتيب بينها بحيث لو مسح من عند المقعدة إلى نهاية القضيب ثلاث مرات كفى في تحقق المسحات التسع المعتبرة في الاستبراء ، مع أن المسحات الثلاثة الأُولى لم تتقدم بأجمعها على المسحات الوسطى الثلاث ، كما أنها بتمامها لم تتقدم على المسحات الأخيرة الثلاث.
وأمّا حسنة محمد بن مسلم ، فلأن أصل الذكر الوارد في الحسنة ظاهره العروق التي يقوم عليها الذكر ، ولم يرد به آخر القضيب وهو القسمة الأخيرة المرئية خارجاً ، كما أن أصل الشجر يطلق على العروق المنشعبة المتشتتة تحت الأرض ، وهي التي يقوم بها الشجر ، وهذه العروق هي الكائنة فيما بين المقعدة والأنثيين ، وعليه فالحسنة تدل على اعتبار المسح فيما بين المقعدة وطرف الذكر ثلاث مرات ، ولا دلالة لها على اعتبار تقدم المسحات الثلاث في القطعة الأُولى على مسحات القطعة الوسطى الثلاث ، بل لو مسح من عند المقعدة إلى طرف القضيب مرة وهكذا في المرة الثانية والثالثة كفى في حصول الاستبراء بمقتضى الحسنة. وهذا الذي ذكرناه في تفسيرها إما أنه الظاهر المستفاد منها لدى العرف ، وإما أنه محتمل الإرادة منها في نفسه ، ومعه تصبح الرواية مجملة. وكيف كان فليست الحسنة ظاهرة الدلالة على اعتبار الترتيب بين المسحات.
هذا ، وقد يتوهم أن قوله عليهالسلام « وينتر طرفه » مطلق ولا دلالة له على نتر
__________________
(١) المائدة ٥ : ٨.