ودعوى أن ظواهر الكتاب ليست بحجة أو أن الاستدلال بها نوع تخمين وتخريج كما في كلام صاحب الحدائق قدسسره (١) مندفعة بما ذكرناه في محله من أن الظواهر لا فرق في حجيتها بين الكتاب وغيره ، كما أن الاستدلال بالآية ليس من التخمين في شيء لأنه استدلال بالإطلاق والظهور.
وإلى إطلاق صحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام « لا يوجب الوضوء إلاّ من غائط أو بول أو ضرطة تسمع صوتها أو فسوة تجد ريحها » (٢) وحملها على الغائط والبول الخارجين على النحو المتعارف كما صنعه صاحب الحدائق قدسسره مما لا وجه له ، لأنه تقييد على خلاف الظهور والإطلاق ، فما ذهب إليه السبزواري وصاحب الحدائق قدسسرهما من عدم انتقاض الوضوء بالبول والغائط الخارجين من غير المخرجين الطبيعيين مطلقاً ولو مع الاعتياد وانسداد المخرجين الأصليين مما لا يمكن المساعدة عليه. على أن لازمه انحصار الناقض في من خرج بوله وغائطه من غير المخرجين الأصليين بالنوم ، وهو من البعد بمكان.
وأما التفصيل بين الخارج مما دون المعدة وما فوقها كما عن الشيخ قدسسره فهو أيضاً لا دليل عليه ، ولعل نظره قدسسره إلى تعيين ما هو الموضوع في الحكم بالانتقاض وأن ما خرج عما فوق المعدة لا يصدق عليه الغائط حتى يحكم بناقضيته ، لوضوح أن الغذاء الوارد على المعدة إنما يصدق عليه الغائط إذا انهضم وانحدر إلى الأمعاء وخلع الصورة النوعية الكيلوسية التي كان متصفاً بها قبل الانحدار ، وأما إذا لم ينحدر من المعدة بل خرج عما فوقها ، فلا يطلق عليه الغائط لدى العرف بل يعبّر عنه بالقيء.
وأما القول بالانتقاض ولو مع غير الاعتياد وهو الذي اختاره المحقق الهمداني قدسسره فقد ظهر الجواب عنه مما ذكرناه في تأييد القول المختار فلا نعيد.
فالأقوى هو القول المشهور ، وإن كان القول بالنقض مطلقاً هو الأحوط.
__________________
(١) الحدائق ٢ : ٩٠.
(٢) الوسائل ١ : ٢٤٥ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ٢.