فيهم ثقات لو لم يكن جلهم كذلك ، بل التعبير بذلك ظاهر في كون الرواية مسلمة عنده ومن هنا أرسلها إرسال المسلمات ، وهذا هو الحال في تعبيراتنا اليوم.
وما رواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب عن عمر بن يزيد قال : « اغتسلت يوم الجمعة بالمدينة ولبست أثوابي وتطيبت ، فمرت بي وصيفة ففخذت لها ، فأمذيت أنا وأمنت هي ، فدخلني من ذلك ضيق ، فسألت أبا عبد الله عليهالسلام عن ذلك فقال : ليس عليك وضوء ولا عليها غسل » (١) ومحل الاستشهاد بها هو قوله : « ليس عليك وضوء » وأما نفيها الغسل عن الوصيفة فيأتي الكلام عليه في الكلام على غسل الجنابة إن شاء الله. وهذه الرواية واردة في المذي الخارج بشهوة ، بل موردها من أظهر موارد الخروج كذلك.
هذه هي الأخبار الواردة في المقام ، والطائفة الأُولى الدالّة على عدم انتقاض الوضوء بالمذي مطلقاً ، والطائفة الثانية الدالّة على انتقاض الوضوء به متعارضتان والنسبة بينهما هو التباين والترجيح مع الطائفة الاولى من جهات :
الاولى : أنها مشهورة وهي تقتضي ترجيحها على الطائفة الثانية بناء على أن الشهرة من المرجحات.
الثانية : أنها توافق العام الفوق ، وهي الأخبار الحاصرة للنواقض في البول والغائط والريح والمني والنوم ، لاقتضائها عدم انتقاض الوضوء بغيرها من الأسباب ، وموافقة السنّة من المرجحات.
الثالثة : أنها موافقة للكتاب ، لأن مقتضى إطلاق قوله عزّ من قائل ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ) ( ... وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) (٢) أن من قام من النوم أو غيره من الأحداث الصغيرة إلى الصلاة فتوضأ أو كان جنباً فاغتسل ، له أن يدخل في الصلاة مطلقاً ، أي خرج منه المذي بعد الغسل أو الوضوء أم لم يخرج
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٨٠ / أبواب نواقض الوضوء ب ١٢ ح ١٣ ، ٢ : ١٩١ / أبواب الجنابة ب ٧ ح ٢٠.
(٢) المائدة ٥ : ٦.