فمقتضى إطلاق الآية عدم انتقاض الوضوء بالمذي ، وقد ذكرنا في محله أن الرواية المخالفة لإطلاق الكتاب إذا كانت معارضة بما يوافق الكتاب سقطت عن الحجية ، وموافقة الكتاب من المرجحات.
الرابعة : أنها مخالفة للعامّة ، لأن أكثرهم لولا كلهم مطبقون على النقض به (١) فالطائفة الثانية ساقطة عن الاعتبار.
وأمّا الطائفة الثالثة الدالّة على انتقاض الوضوء بالمذي الخارج عن شهوة ، فهي غير صالحة لتقييد الطائفة الاولى في نفسها ، مضافاً إلى أنها مبتلاة بالمعارض الراجح. أمّا عدم صلاحيتها للتقييد في نفسها ، فلأن المذي إذا كان هو الماء الرقيق الخارج عند الملاعبة والتقبيل ونحوهما ، والجامع هو الشهوة كما في بعض اللّغات (٢) بل هو المصرح به في مرسلة ابن رباط ، حيث فسرت المذي بما يخرج من شهوة (٣) ومن هنا كان يستحيي علي عليهالسلام أن يسأل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن حكم المذي كما في بعض الأخبار (٤) كانت الطائفة الثالثة والأولى متعارضتان بالتباين لدلالة الثالثة على أن المذي وهو الماء الخارج عند الشهوة ناقض للوضوء ، وتدل الاولى على أن المذي بهذا المعنى غير ناقض له ، وقد تقدم أن الترجيح مع الطائفة الاولى من جهات.
وإذا كان المذي أعم مما يخرج عند الشهوة أو لا معها ، فلا إشكال في أن الظاهر المنصرف إليه والفرد الغالب من المذي خصوص ما يخرج عند الشهوة ، ولا يمكن معه الجمع بين الطائفتين بحمل الاولى على الثالثة ، لاستلزامه تخصيص الطائفة الاولى مع ما هي عليه من الكثرة والتواتر الإجمالي على الفرد النادر لندرة المذي الخارج من دون شهوة ولا يعد هذا من الجمع العرفي بين المتعارضين ، فالطائفتان متعارضتان بالتباين والترجيح مع الطائفة الأُولى كما مرّ.
__________________
(١) راجع المغني ١ : ١٩١ المسألة ٢٣٤ ، ١٩٤ المسألة ٢٣٨ ، والبدائع ١ : ٢٤ ، والبداية ١ : ٣٤.
(٢) كما في مجمع البحرين [ ١ : ٣٨٨ ] ولسان العرب [ ١٥ : ٢٧٤ ] والثاني غير مشتمل على الماء الرقيق.
(٣) ، (٤) الوسائل ١ : ٢٧٨ / أبواب نواقض الوضوء ب ١٢ ح ٦ ، ٩.