الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (١) وليست لها أية دلالة على حصر جواز المس للمتطهر ، لأن المطهَّر غير المتطهِّر وهما من بابين ، ولم يرَ إطلاق المطهر على المتطهر كالمغتسل والمتوضي في شيء من الكتاب والأخبار. على أن الضمير في يَمَسُّهُ إنما يرجع إلى الكتاب المكنون وهو اللّوح المحفوظ ، ومعنى أن الكتاب المكنون لا يمسّه إلاّ المطهّرون هو ما قدّمناه من أنه لا يناله ولا يصل إلى دركه إلاّ الأئمة المعصومون عليهمالسلام. أذن الآية أجنبية عن المقام بالكلية ، هذا كلّه بالإضافة إلى نفس الآية المباركة.
وأما بالنظر إلى ما ورد في تفسيرها ، ففي رواية إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليهالسلام قال : « المصحف لا تمسّه على غير طهر ولا جنباً ولا تمس خطّه ، ولا تعلّقه ، إن الله تعالى يقول ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) » (٢) ومقتضى هذه الرواية أن الضمير في يَمَسُّهُ راجع إلى الكتاب الموجود بين المسلمين وأن المراد بالمس هو المس الظاهري ، إلاّ أنها غير قابلة للاستدلال بها لضعف سندها من وجوه منها : أن الشيخ رواها بإسناده عن علي بن حسن بن فضال وطريق الشيخ إليه ضعيف. بل ودلالتها أيضاً قابلة للمناقشة ، وذلك لأنها قد اشتملت على المنع من تعليق الكتاب ومس ظاهره من غير طهر ، وحيث لا قائل بحرمة التعليق من غير وضوء فلا مانع من أن يجعل ذلك قرينة على إرادة الكراهة من النهي ولو بأن يقال : إن الكتاب لمكان عظمته وشموخ مقاصده ومداليله لا يدركه غير المعصومين عليهمالسلام ولذا يكره مسه وتعليقه من غير طهر. إذن لا يمكن الاستناد إلى الرواية في الحكم بحرمة المس وإرجاع الضمير إلى الكتاب الموجود بين المسلمين. ولا لرواية حريز عمن أخبره عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « كان إسماعيل بن أبي عبد الله عنده فقال : يا بني اقرأ المصحف فقال : إني لست على وضوء فقال : لا تمس الكتابة
__________________
(١) الأحزاب ٣٣ : ٣٣.
(٢) الوسائل ١ : ٣٨٤ / أبواب الوضوء ب ١٢ ح ٣.