ذهبوا إلى عدم الاشتراط (١) فيظهر من ذلك أنّ المسألة ذات قولين من دون شهرة في البين ، وإن كان لا يبعد أن يكون المشهور هو الأول لكثرة القائل به وقد ذهب إلى الثاني الشهيد في الذكرى (٢) وهو ظاهر إطلاق المحقق في الشرائع (٣) وصريح المحقق الهمداني (٤) وغيرهم.
وكيف كان ، فالمتّبع هو الدليل. ويقع الكلام حينئذ تارة في وجود المقتضي للاشتراط المزبور ، واخرى في وجود المانع بعد الفراغ عن المقتضي ، فهنا جهتان :
أمّا الجهة الأُولى : فقد استدلّ لاشتراط الاستقبال في المقام بوجوه :
الأوّل : أنّ العبادات توقيفيّة ، فما لم يثبت ترخيص من قبل الشارع في الإتيان بها بكيفية خاصة لم يكن مساغ للحكم بمشروعيته ، والمقدار الثابت من مشروعية النوافل الإتيان بها مراعياً للاستقبال دون غيره ، فبمقتضى أصالة التوقيفية يحكم بعدم المشروعية.
ويندفع : بما حقق في الأُصول من جواز الرجوع إلى أصالة البراءة عند الشك في الجزئية أو الشرطية أو المانعية في الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين (٥) فاعتبار الاستقبال في النوافل مشكوك يدفع بالبراءة ، وبها تثبت المشروعية ، ومعه لا مجال لدعوى التوقيفية كما لا يخفى.
الثاني : قاعدة إلحاق النوافل بالفرائض ومشاركتهما في جميع الخصوصيات ما لم يثبت الخلاف.
وهذا الوجه جيد ، وتوضيحه : أنّ الفرض والنفل ليسا من الخصوصيات
__________________
(١) الذكرى ٣ : ٨٦.
(٢) الذكرى ٣ : ١٨٨ [ لعلّه استفاد ذلك من عنوان المسألة الأُولى ].
(٣) الشرائع ١ : ٨٠.
(٤) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ١٠٨ السطر ١٨.
(٥) مصباح الأصول ٢ : ٤٢٦.