أو أصالة البراءة عن تقيد الصلاة بعدم وقوعها مع هذا الشيء ، حيث إنّ المانعية انحلالية. وعلى الثاني لا بد من الإحراز ، لقاعدة الاشتغال عند الشك في تحقق الشرط المعتبر في المأمور به. وحينئذ فان استظهرنا من الأدلّة أحد الأمرين فهو وإلا فلا أصل يحرز به شيء منهما.
أمّا بناءً على كون التقابل بين الميتة والمذكى من تقابل التضاد كما لا يبعد ، حيث إن الميتة كما عن المصباح المنير عبارة عن زهاق الروح المستند إلى سبب غير شرعي (١) ، في مقابل المذكى الذي هو عبارة عن الزهاق المستند إلى سبب شرعي ، فهما عنوانان وجوديان وضدّان لا ثالث لهما ، فالأمر واضح ، إذ لا سبيل حينئذ لإجراء الأصل لا في نفس الحكم ، لمعارضة أصالة عدم المانعية بأصالة عدم الشرطية بعد العلم الإجمالي بمجعولية أحد الاعتبارين. ولا في الموضوع لأنّ استصحاب عدم الموت إنّما يجدي لو كان المجعول هو المانعية ، وهو أوّل الكلام ، لاحتمال أن يكون المجعول شرطية التذكية ، ومن الواضح عدم ثبوتها باستصحاب عدم الموت إلا بنحو الأصل المثبت. كما أنّ استصحاب عدم التذكية إنّما يجدي لو كان المجعول شرطية التذكية ، وهو أيضاً غير معلوم حسب الفرض ، ولا يثبت به الموت لو كان هو الموضوع للأثر للشك في المانعية كما ذكر.
وأمّا بناءً على أن يكون التقابل بينهما من تقابل العدم والملكة فقد يقال إنّ اعتبار المانعية حينئذ يرجع إلى الشرطية ، نظراً إلى أنّ الموت على هذا معناه عدم التذكية ، فالنهي عنه يؤول إلى الأمر بالتذكية ، إذ نتيجة النفي في النفي هو الإثبات. فلا فرق بين الاعتبارين لرجوعهما إلى معنى واحد ، وإنّما الاختلاف في مجرد التعبير ، وعليه فعند الشك يكون مقتضى الأصل عدم التذكية.
ولكنّه يندفع بأنّ العدم المقابل للملكة لم يكن عدماً مطلقاً ، بل هو مضاف وله حظ من الوجود فيعتبر فيه الاتصاف بالعدم كما تعرضنا له في مبحث
__________________
(١) المصباح المنير : ٥٨٤.