حيّز النفي في قوله عليهالسلام : « لا صلاة إلا إلى القبلة » ملحوظة بنحو النكرة ، أي لوحظت الطبيعة فانية في أفرادها فيجري حينئذ ما ذكر من الدوران بين أحد التقييدين من دون ترجيح في البين ، وأمّا إذا كانت ملحوظة بنحو اسم الجنس وأنّ طبيعة الصلاة من حيث هي لا تتحقق بلا استقبال فيكون الكلام مسوقاً لنفي الجنس المستلزم للعموم السرياني لا لنفي الفرد كي يكون له عموم أفرادي وأحوالي حتى يدور الأمر بين التصرف في أحدهما.
وعليه فالصحيحة تدل بظاهرها على انتفاء ماهية الصلاة مطلقاً عند انتفاء الاستقبال ، فلا يرفع اليد عن إطلاقها إلا بمقدار دلالة الدليل وهو النافلة في حال المشي ، ويبقى الباقي تحت الإطلاق.
وأجاب عن ذلك بأنّ الحمل على الجنس خلاف المتبادر من مثل هذا التركيب ، بل المنسبق إلى الذهن عرفاً في مثل قولنا : لا رجل في الدار ، أنّ الواقع في حيّز النفي إنّما هي النكرة دون الطبيعة بما هي ، والمعنى أنّه لا شيء من أفراد الرجل في الدار ، لا أنّ طبيعة الرجل غير موجودة فيها كي يكون عمومه عموماً سريانياً. هذا محصّل كلامه قدسسره.
أقول : يرد عليه أولاً : أنّه قدسسره قد اشتبه عليه الأمر مع جلالته وعظمته وتحقيقه وتدقيقه بين الجواهر والأعراض وخلط أحدهما بالآخر فانّ الجوهر لا يتعدد باختلاف الطوارئ والحالات ، فزيد [ فرد ] واحد لطبيعي الإنسان في جميع حالاته وعوارضه من الزمان والمكان ، والحركة والسكون والقيام والقعود وغير ذلك مما يلحقه ويتصف به ، فهو في الكلّ لا يخرج عن كونه فرداً واحداً من الطبيعة.
وهذا بخلاف العرض ، فانّ طروء الحالات عليه يوجب تعدد الأفراد لا محالة ، فالجلوس في الدار فرد مغاير مع الجلوس في المسجد ، وهما مغايران مع الجلوس في الحمام. والتكلّم القصير مغاير مع الطويل ، ومع الإخفات يغاير