لأنّ المورد إن كان من موارد التقية فلا يرفع الإمام عليهالسلام يده عنها ولا يخالف وظيفته عليهالسلام بهذا التوقع ، وإلا فهو عليهالسلام يخبر عن الواقع لا محالة من دون أن يتّقي فيه بعد انتفاء مقتضيه ، وعلى التقديرين فهو توقّع مستدرك فتأمّل.
وكيف كان ، فالرواية لا بأس بدلالتها ، لكنّها ضعيفة السند ، لأنّ الصدوق يرويها عن شيخه محمد بن علي ماجيلويه (١) ولم يوثق. وقد مرّ غير مرّة أنّ مجرد كون الرجل من مشايخ الإجازة لا يقتضي الوثاقة ، كيف ومن مشايخ الصدوق الذي يروي عنه مَن لم يُرَ في خلق الله أنصب منه ، على حدّ تعبير الصدوق نفسه قدسسره (٢) حتى ذكر أنّه ( لعنه الله ) كان يصلّي على النبي صلىاللهعليهوآله منفرداً ، فكان يقول : اللهم صلّ على محمد منفرداً. هذا مضافاً إلى أنّ يحيى بن أبي عمران بنفسه أيضاً لم يوثق.
الثالثة : رواية ابن أبي يعفور (٣) فإنّها كالصريحة في كون المراد هو جلد الخز ، فإنّه الذي يحتاج إلى التذكية التي جعل الإمام عليهالسلام ذكاته بموته في ذيل الخبر كسائر الحيتان دون الوبر كما هو ظاهر ، فهي صريحة الدلالة. لكنّها ضعيفة السند بعدة من المجاهيل كالعلوي والديلمي وقريب.
الرابعة : صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سأل أبا عبد الله عليهالسلام رجلٌ وأنا عنده عن جلود الخز ، فقال : ليس بها بأس ، فقال الرجل : جعلت فداك إنها علاجي أي شغلي أُعالج به أمر المعاش ، وفي بعض النسخ : في بلادي وإنّما هي كلاب تخرج من الماء ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : إذا خرجت من الماء تعيش خارج الماء؟ فقال الرجل : لا ، قال : ليس به بأس » (٤).
__________________
(١) راجع الفقيه ١ : ١٧٠ / ٨٠٤ و ٤ ( المشيخة ) : ٤٤.
(٢) [ وهو أبو نصر أحمد بن الحسين الضبي كما ذكره في عيون أخبار الرضا ٢ : ٢٧٩ / ٣ ].
(٣) الوسائل ٤ : ٣٥٩ / أبواب لباس المصلي ب ٨ ح ٤.
(٤) الوسائل ٤ : ٣٦٢ / أبواب لباس المصلي ب ١٠ ح ١.