ويدفعها : قصور الدلالة ، إذ لا تعرّض لها لحال الصلاة ، وإنّما السؤال عن جواز اللبس وعدمه ، فزعم السائل أنّها من الميتة فلا يجوز لبسها والانتفاع بها فأجاب عليهالسلام بعدم كونها منها ، فهي أجنبية عمّا نحن فيه كما هو ظاهر.
الخامسة : صحيحة سعد بن سعد المتقدّمة (١) في الوبر ، وهي العمدة في الاستدلال. وبيانه : أنّ المحتملات في الصحيحة أمور :
الأول : أن يكون السؤال من جهة احتمال النجاسة الذاتية للخز ، حيث انّها كلاب تخرج من الماء كما عبّر بذلك في الصحيحة المتقدمة آنفاً وعليه فالنظر فيها إلى الطهارة والنجاسة لا إلى كون الجلد من أجزاء ما لا يؤكل لحمه فتكون أجنبية عمّا نحن فيه.
وفيه : أن هذا الاحتمال بعيد في حد نفسه لا يمكن حمل الصحيح عليه ، إذ كيف يحتمل في حق السائل أعني سعد بن سعد وهو من أجلاء أصحاب الرضا عليهالسلام بل قد أدرك الكاظم عليهالسلام أن يخفى عليه مثل هذا الحكم أعني اختصاص النجاسة الذاتية بالكلب البري دون البحري ، سيما وهو يرى أنّ الإمام عليهالسلام قد لبس الوبر كما اعترف به في الصحيح ، فهل يحتمل في حقّه مع ما هو عليه من الجلالة أن يفرّق في أجزاء النجس الذاتي بين الوبر والجلد مع عدم خفائه على من له أدنى مساس بالفقه.
على أنّه كان الأنسب حينئذ أن يبدل الإمام عليهالسلام في الجواب الحلّيّة بالطهارة فيجيب هكذا : إذا طهر وبره طهر جلده ، لا إذا حلّ وبره حلّ جلده كما لا يخفى. فهذا الاحتمال ساقط جزماً.
الثاني : أن يكون السؤال عن النجاسة العرضية من جهة احتمال كونه من الميتة ، حيث إنّه يرعى في البرّ ودابة تمشي على أربع ، فليس هو على حدّ الحيتان التي تكون ذكاتها بخروجها عن الماء حيّة والموت خارجه ، بل تحتاج
__________________
(١) في ص ١٨٢.