بصورة النسيان وعدم شموله لفرض الجهل (١) ، فإنّه بعد ما كان المنع عما لا يؤكل واقعياً غير مختص بصورة العلم كما مرّ آنفاً فبعد انكشاف الخلاف وتنجّز الواقع لا بدّ من الإعادة ، التي هي مقتضى القاعدة الأوّلية في كل ما لو تبيّن خلل في العبادة من نقص جزء أو شرط أو الاقتران بمانع ، ما لم يدل دليل على الإجزاء المقتضي لانقلاب القاعدة الأوّلية إلى الثانوية ، من قاعدة لا تعاد ونحوها من القواعد المقرّرة في أمثال المقام ، هذا.
وقد أفاد قدسسره في وجه الاختصاص أنّ ذلك مقتضى مادة الإعادة فإنّ الأمر بها أو نفيها إنّما يتّجه مع عدم بقاء الأمر الأول ، وإلا فمع ثبوته يكلّف بإتيان العمل بنفس ذلك الأمر من دون حاجة إلى الأمر بالإعادة. فالمعتبر في مقسم هذا الحكم نفيا وإثباتاً سقوط الأمر الأول ، المختصّ ذلك بالناسي ، حيث إنّ الجزء المنسي عنه مرفوع عنه حتى واقعاً ، وأمّا الجاهل فحيث إنّ الحكم الواقعي ثابت في حقه وغير ساقط عنه فهو لا يزال مخاطباً بنفس الأمر الأول فيقال له أدِّ العمل وائتِ به ، ولا يقال له أعد أو لا تعد كما لا يخفى.
لكنّك خبير بصحة إطلاق الإعادة في كلتا الصورتين وإن اختص الجاهل بإمكان خطابه بنحو آخر أيضاً كما ذكر فمهما يشتركان في صحة الإطلاق نفياً وإثباتاً بمجرد الشروع في العمل ، نعم قبل الشروع لا معنى للحكم بالإعادة أو بعدمها ، لانتفاء الموضوع ، فإنّها عبارة عن الوجود الثاني للطبيعة وبعد لم يوجد أيّ فرد منها ، من دون فرق في ذلك بين الجاهل والناسي. وأمّا بعد الشروع والتلبس بالعمل فيصح الإطلاق ، سواء فرغ من العمل أم كان بعد في الأثناء ، وإن كان في الأول أظهر. ويكشف عن الثاني ما ورد في غير واحد من الأخبار من الإعادة في من أخلّ بصلاته في الأثناء من قهقهة أو تكلم أو حدث ونحو ذلك (٢).
__________________
(١) كتاب الصلاة ٣ : ٥.
(٢) الوسائل ٧ : ٢٥٠ / أبواب قواطع الصلاة ب ٧ ، ٢٥ ، ١ وغيرها.