وبالجملة : فلا فرق في حسن الإطلاق في كلّ ذلك بين الناسي والجاهل فيما إذا كان الجهل عذراً وعن قصور ، فلو صلّى في اللباس المشكوك جهلاً يعذر فيه وبعد الفراغ بان الخلاف فهو مشمول لحديث لا تعاد.
نعم ، الجاهل المتردد الذي لا يعذر فيه كمن صلّى قبل الفحص ونحو ذلك غير مشمول للحديث ، لانصرافه إلى ما إذا كان المقتضي للإعادة ما يلحق العمل من انكشاف الخلاف المتأخر عنه بحيث لولاه كان محكوماً بالصحة. وأمّا في الفرض فالعمل محكوم بالبطلان بحكم العقل من أول الأمر ، لمكان قاعدة الاشتغال فلا يعمّه الحديث.
وأوضح حالاً منه العالم المتعمّد ، فانّ البطلان حينئذ ثابت من أوّل الأمر ، لا أنّه يتجدّد لاحقاً لأجل انكشاف الخلاف ، على أنّ شموله لمثله منافٍ لأدلّة الأجزاء والشرائط والموانع كما هو ظاهر. فما عن بعض من شموله للعامد بمراحل عن الواقع.
وأمّا الجاهل المقصّر غير المتردد فالحديث في حدّ نفسه غير قاصر الشمول له ، لكن يمنع عن ذلك ما ورد في غير واحد من الأخبار من الأمر بالإعادة في من أخلّ بجزء أو شرط أو مانع ، فانّ لازم شمول الحديث للجاهل المقصّر حمل هذه الأخبار على العالم العامد أو الجاهل المتردد اللذين قلّما يتفق لهما مصداق في الخارج ، ضرورة أنّ الغالب من موارد هذه الأخبار إنّما هو الجاهل المقصّر ، فيلزم من الشمول المزبور حمل هذه الأخبار على كثرتها على الفرد النادر وهو قبيح مستهجن. ففراراً عن هذا المحذور يمنع عن شمول الحديث للجاهل المقصّر.
فتحصّل : أنّ مورد حديث لا تعاد إنّما هو الناسي والجاهل المعذور ، دون المقصّر ودون المتردد والعامد.
وعليه فمن صلّى في اللباس المشكوك جاهلاً وهو معذور فيه ثم بان الخلاف بعد الفراغ حكم بصحة صلاته صحة واقعية ، لحديث لا تعاد.
وكذا لو انكشف الخلاف في الأثناء لكن بعد أن نزع اللباس قبل الانكشاف