وبعبارة أُخرى : الوصف مشعر بالعلية ، دون العلية المنحصرة التي هي مناط الدلالة على المفهوم الاصطلاحي كما في أداة الشرط.
وعليه فغاية ما يستفاد من التقييد بالفريضة في الصحيحة عدم اعتبار الاستقبال في الصلاة على إطلاقها ، وأن هذه الطبيعة أينما سرت ليست موضوعاً للحكم ، ويكفي في صدق ذلك عدم اعتباره في النافلة حال السير كما دلت عليه الأدلة الخاصة على ما سيجيء إن شاء الله تعالى (١) وأن عدم ثبوت الحكم في حصة أُخرى من الطبيعة وهي النافلة حال الاستقرار الذي هو محل الكلام فليس ذلك مستفاداً من مفهوم الوصف كما عرفت.
ومن الغريب أن المحقق الهمداني قدسسره مع عدم التزامه بمفهوم الوصف رأساً كيف استدلّ بهذه الصحيحة في المقام.
ثانيها : ما رواه ابن إدريس في آخر السرائر نقلاً من كتاب الجامع للبزنطي صاحب الرضا عليهالسلام قال : « سألته عن الرجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته؟ قال : إذا كانت الفريضة والتفت إلى خلفه فقد قطع صلاته فيعيد ما صلى ولا يعتد به ، وإن كانت نافلة لا يقطع ذلك صلاته ولكن لا يعود » (٢) ورواه الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده علي ابن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهماالسلام (٣).
وهذه الرواية المروية بطريقين وإن كانت ضعيفة بالطريق الثاني ، لمكان عبد الله بن الحسن ، لكنها موثقة بالطريق الأول ، ولا يقدح (٤) فيه جهالة طريق ابن إدريس إلى كتاب الجامع ، لما هو المعلوم من مسلكه من إنكاره حجية الخبر الواحد وانه لا يعتمد الا على الخبر المتواتر أو ما في حكمه مما يورث
__________________
(١) في المقام الثاني.
(٢) الوسائل ٧ : ٢٤٦ / أبواب قواطع الصلاة ب ٣ ح ٨ ، السرائر ٣ : ٥٧٢.
(٣) قرب الإسناد : ٢١٠ / ٨٢٠.
(٤) ولكنّه قدسسره بنى أخيراً على القدح.