الوجود قطعاً وشك في بقاء الموجود ، كما لو كنّا على يقين من الطهارة سابقاً مع القطع بعدم الصلاة وعند ما تحققت الصلاة شككنا في بقاء الطهارة ، حيث إنّ الأثر أعني الوجوب متعلّق بمجموع الأمرين.
فالمشهور حينئذ جريان الاستصحاب في الجزء المشكوك فتستصحب الطهارة ، وبذلك يلتئم جزءا الموضوع بضم الوجدان إلى الأصل فيحرز الامتثال ويقطع بالفراغ.
إلا أنّه ربما يناقش في ذلك بمعارضة هذا الاستصحاب باستصحاب عدم تحقق المجموع المركّب من الأمرين ، أعني الصلاة المقيدة بالطهارة التي هي الموضوع للأثر ، للشك في تحقق عنوان الاجتماع في الخارج وجداناً ، والأصل عدمه.
وقد أجاب عنه شيخنا الأُستاذ قدسسره بأنّ الشك الثاني مسبّب عن الأوّل ، إذ لا منشأ له سوى الشك في بقاء الطهارة على الفرض ، ولا ريب في حكومة الأصل السببي على المسببي فلا تعارض (١).
وفيه : أنّ السببية وإن كانت مسلّمة لكنّها تكوينية عقليّة ، وليست بشرعية بالضرورة ، فإنّ وجود المركّب عند وجود تمام الأجزاء كانتفائه عند انتفاء أحدها أمر تكويني لا مساس له بالشرع ، والأصل السببي إنّما يكون حاكماً فيما إذا كان التسبّب أيضاً شرعياً ، كما في الشك في طهارة الثوب المغسول بالماء المستصحب الطهارة ، فإنّ من آثار طهارة الماء شرعاً طهارة ما غسل به فالتفرع والتسبب شرعي لا محالة ، فمع الحكم بطهارة الماء بقاعدة الطهارة أو استصحابها لا يبقى مجال للشك في طهارة الثوب المغسول به. وليس المقام من هذا القبيل.
فالأولى في التفصّي أن يقال : إنّ الأثر إنّما يترتب على ذوات الأجزاء عند اجتماعها ، أي وجود كلّ جزء في زمان يوجد فيه الجزء الآخر ، وأمّا المركب
__________________
(١) رسالة الصلاة في المشكوك : ٤١٠.