« رجل قضى بالحق وهو لا يعلم » (١) وقوله تعالى ( وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ .. ) إلخ (٢) والأخير مطلق يشمل الأحكام الشرعية وغيرها.
وبالجملة : فلا يقاس الإخبار بغيرها من المحرمات المشكوكة ، لوجود الدليل الحاكم على أصالة البراءة ، ولولاه لكانت هي المرجع ، لعدم قصور في شمولها للمقام كغيره من سائر الموارد.
هذا كلّه مع الشك في الانطباق ، وأمّا مع العلم به والشك في الامتثال فلا شبهة في أنّ المرجع حينئذ قاعدة الاشتغال ، فلو علمنا أنّ فرداً مصداق للذكر الواجب أو الكذب المحرم تعيّن إحراز امتثاله بفعل الأول وترك الثاني.
ومثله ما لو شككنا في خروج المني بالملاعبة ليصدق عليه الاستمناء المحرّم ، فان انطباق العنوان لدى الخروج لمّا كان محرزاً لزم الاجتناب عن الاقتحام ، للشك معه في تحقق الامتثال اللازم إحرازه بحكم العقل ، فلا تجوز الملاعبة المزبورة ، نعم في هذا المثال للمتعلّق متعلّق فيخرج عن محل الكلام.
والمثال المنطبق على المقام ما لو حرم عليه النوم ، واحتمل أنّ الاضطجاع يستوجب غلبة النوم فإنّه يحرم عليه.
وبالجملة : ففي أمثال هذه الموارد لا بدّ من إحراز ترك المنهي عنه بمقتضى قاعدة الاشتغال ، إلا أن يكون هناك أصل موضوعي حاكم يحرز معه الامتثال كأصالة عدم تحقق النوم بالضجعة ، أو عدم خروج المني باللعبة بناءً على ما هو الأصح من جريان الاستصحاب في الأُمور الاستقبالية كالحالية بعد وضوح عدم الفرق في إحراز الامتثال بين ما كان بعلم وجداني أو تعبّدي متحصّل من أمارة أو أصل عملي كما في المقام.
ثم إنّ الشبهة الوجوبية وإن شاركت التحريمية في الرجوع إلى أصالة البراءة
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ٢٢ / أبواب صفات القاضي ب ٤ ح ٦.
(٢) النور ٢٤ : ١٥.