فيما لو كان العموم مجموعياً حسبما عرفت إلا أنّهما يفترقان في مورد إعمال هذا الأصل.
ففي الوجوبية لو أمر المولى بإكرام جماعة من العلماء مثلاً بطلب واحد متعلق بالمجموع منبعث عن مصلحة واحدة قائمة بهذه الهيئة ، وشككنا في شمولها لزيد العالم وعدمه فاللازم حينئذ إكرام من عداه ، لأنّه المتيقّن من الجعل المردد بين كونه بالإضافة إلى زيد لا بشرط أو بشرط شيء ، ويرجع في جزئيته لهذا المجموع واشتراط الواجب بانضمامه إليهم إلى أصالة البراءة ، كما هو الشأن في سائر موارد الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، فيكون مورد الأصل هو ذاك الفرد المشكوك.
وأمّا في الشبهة التحريمية مثل ما لو ورد النهي عن مجالسة الأشرار بنهي واحد متعلق بهم أجمع ، وشككنا في كون زيد منهم فالأمر حينئذ بالعكس ، فلا تحرم مجالسة من عداه ، كما لا تحرم مجالسته وحده ، للشك في تعلّق النهي بشيء منهما منعزلاً عن الآخر ، وإنّما المتيقن من مورد النهي مجالستهم بأجمعهم فإنّه المعلوم حرمته ، فيرجع في غير هذه الصورة إلى أصالة البراءة ، إلا إذا فرضنا رجوع التكليف التحريمي إلى الوجوبي ، بأن لم تكن ثمة مفسدة كامنة في مجموع الأفعال ، بل مصلحة قائمة بمجموع التروك ، فإنّه يجري حينئذ ما عرفته في الشبهة الوجوبية من لزوم الامتثال في الأفراد المتيقنة من التروك ، والرجوع فيما عداها إلى أصالة البراءة ، فلا تجوز في المثال مجالسة من علم كونه من الأشرار وتجوز في الفرد المشكوك ، هذا في الشبهة الموضوعية.
وكذلك الحال في الشبهة الحكمية كما لو بنينا على حرمة تصوير ذوات الأرواح وشككنا في اختصاصه بالبدن الكامل ، أو شموله للناقص ، بعد وضوح أنّ الحرمة لو ثبتت للكلّ فهي حرمة واحدة ، لا أنّ لكل عضو حرمة مستقلّة مغايرة للعضو الآخر ، فانّ المرجع حينئذ أصالة البراءة عن حرمة تصوير البعض ، إذ لا علم لنا بها إلا لدى تصوير تمام الأجزاء بالأسر.