روايات محمد بن أحمد بن يحيى في كتاب نوادر الحكمة ما يرويه عن هذا الرجل ، فيكشف ذلك عن وثاقته لديهم ، وإلا لاستثنوه كما استثنوا روايته عن غيره من الضعاف.
وفيه : ما عرفت آنفاً ، فان عدم الاستثناء لا يدل على التوثيق ، بل غايته التصحيح ، ومن الجائز أن يكون مسلكهم فيه كمسلك العلامة مبنياً على أصالة العدالة.
وبالجملة : فهذه الوجوه التي ذكرها البهبهاني لتوثيق الرجل لا يرجع بشيء منها إلى محصّل.
وقد يذكر لتصحيح الرواية وجهان آخران :
الأوّل : أنّ الرجل موثّق ، لوصف الصدوق إياه في الباب الثاني والعشرين من كتاب إكمال الدين (١) عند التعرض له وذكر نسبه إلى علي بن أبي طالب عليهالسلام بقوله : حدثنا الشريف الديّن الصدوق أبو علي محمد بن أحمد بن زيادة بن عبد الله ، وذكر نسبه إلى الإمام عليهالسلام. وفي بعض النسخ : حدثنا شريف الدين الصدوق ... إلخ ، بجعل شريف الدين لقباً له لا وصفاً. وعلى التقديرين فقد وصفه بالصدوق ، الذي لا ينطبق إلا على الثقة كما لا يخفى.
وغير خفي أنّ هذا الاستدلال من غرائب الكلام ، فانّ الوصف المزبور وإن وقع الكلام بين الأعلام في دلالته على التوثيق وعدمها مع أنه لا ينبغي الالتفات إليه فإنّه من أقوى أنحاء الدلالات عليه ، بل هو يتضمن التعديل فضلاً عن التوثيق بناءً على النسخة الأُولى كما لا يخفى لعدم انطباق هذه الصفات على غير العدل.
إلا أنّه أجنبي عن الرجل المزبور أعني محمد بن أحمد العلوي لعدم احتمال أن يكون هذا هو المراد من قول الصدوق : حدثنا الشريف الديّن الصدوق أبو علي محمد بن أحمد بن زيادة ... إلخ ، لعدم إمكان رواية الصدوق عنه بعد
__________________
(١) كمال الدين : ٢٣٩ / ب ٢٢ ح ٢٣٩.