ملاحظة ما بينهما من اختلاف الطبقة ، فانّ الكليني يروي عن أحمد بن محمد بن يحيى ، وهو يروي عن محمد بن علي بن محبوب ، وهو يروي عن محمد بن أحمد العلوي ، فطبقة الرجل متقدمة على الكليني بثلاث مراتب ، فإنّه شيخ شيخ شيخ الكليني ، فكيف يمكن أن يروي عنه الصدوق بلا واسطة كما هو ظاهر قوله حدثنا ، مع أنّ طبقته متأخرة عن الكليني أيضاً ، فإنّه توفي سنة ٣٢٩ والصدوق ورد بغداد سنة ٣٥٩ وهو بعد شابّ حدث السن وتوفي سنة ٣٨١ فمن هذا نجزم بأنّ المراد بالمسمى بهذا الاسم محمد بن أحمد شخص آخر غير العلوي.
والذي يدلّ صريحاً على ما ذكرناه من التعدد إنّ العلوي المزبور جده إسماعيل كما نص عليه النجاشي (١) فهو محمد بن أحمد بن إسماعيل ، مع أن من وصفه الصدوق بما ذكر هو محمد بن أحمد بن زيادة كما عرفت. فهما رجلان يقيناً.
الوجه الثاني : ما ذكره في الجواهر (٢) من أنّ الرواية لو سلّم ضعفها بهذا الطريق المشتمل على العلوي فهي مروية بطريق آخر وهو ما رواه الشيخ عن كتاب علي بن جعفر وطريقه اليه صحيح.
ولا يخفى أنّ هذا لو ثبت لصحت الرواية وتم الاستدلال بها ، لكنه لم يثبت وهذا سهو من قلمه الشريف ، ولعله التبس عليه الأمر لدى الكتابة فرأى رواية أُخرى عن كتاب علي بن جعفر فتخيّل أنّها هذه الرواية ، وإلا فالرواية لم تنقل إلا بالطريق الأوّل المشتمل على العلوي وأما الطريق الثاني فلم يوجد قط في شيء من الكتب بعد التتبع التام ، فإنّ أرباب المجامع كالوسائل والوافي والحدائق (٣) وغيرها لم ينقلوا هذه الرواية عن الشيخ بهذا الطريق ، بل اقتصروا على الطريق الأول ، والشيخ بنفسه لم ينقله عن علي بن جعفر في كتابيه التهذيب
__________________
(١) رجال النجاشي : ٣٠٣ / ٨٢٨ [ صرح بذلك في ترجمة العمركي ].
(٢) الجواهر ٧ : ٤٢٢.
(٣) الوافي ١١ : ٥٣١ / ١١٢٦٠ ، الحدائق ٦ : ٤١٠.