على أنّ من المعلوم من مسلك العلامة اقتصاره في الحجيّة على خبر الإمامي الاثني عشري ، فلا يعتمد على غيره وإن كان ثقة ، والرجل منحرف عن الحق كما ستعرف ، ولأجله منع عن قبول روايته. فلا يكشف المنع عن عدم الوثاقة.
ولم نعثر على غير العلامة ممّن ضعّف الرجل في حديثه ، برميه بالكذب أو الوضع ونحوه ممّا يوجب عدم صدقه في الحديث أو الخدش في قبول روايته.
بل إنّ النجاشي قد صرّح بالقبول فقال : إنّه صالح الرواية ، يعرف منها وينكر (١). فيظهر منه أنّ الرجل في نفسه صالح الرواية غير أنّ بعض أحاديثه منكرة إمّا لخلل في المضمون أو لروايته عمّن لا يعتمد عليه ، وقد ذكرنا في محلّه (٢) أنّ هذا هو المراد من مثل هذه العبارة الكثيرة الدوران في كلمات الرجاليين ، وإلا فظاهرها يقتضي التناقض بين الصدر والذيل كما لا يخفى.
هذا مع أنّ ابن الغضائري لم يتوقّف في حديثه عن نوادر ابن أبي عمير ومشيخة الحسن بن محبوب (٣) فلولا أنّ الرجل في نفسه صالح الحديث ومقبول الرواية لم يكن فرق بين روايته عنهما وعن غيرهما في عدم قبول شيء منها.
وقد صرّح الشيخ قدسسره في العدّة بقبول رواياته في حال استقامته (٤). ومن هنا ذكر في إكمال الدين قوله : حدّثنا يعقوب بن يزيد عن أحمد بن هلال في حال استقامته عن ابن أبي عمير (٥). فيظهر أنّه ثقة في نفسه ، وإنّما منع عن الأخذ برواياته انحرافه عن الحق ، وهذا إنّما يقدح عند من يقتصر في الحجيّة على خبر الإمامي الاثني عشري ، وأمّا على المختار من التعميم لمطلق الثقة وإن لم يكن كذلك كما في الفطحيّة والواقفيّة ونحوهما من سائر الفرق المخالفة للفرقة
__________________
(١) رجال النجاشي : ٨٣ / ١٩٩.
(٢) معجم رجال الحديث ٣ : ١٥٢.
(٣) حكاه عنه في الخلاصة : ٣٢٠ / ١٢٥٦.
(٤) العُدّة : ٥٧ السطر ١.
(٥) كمال الدين : ٢٠٤ / ١٣.