وقد حكى الصدوق في إكمال الدين عن شيخه ابن الوليد عن سعد بن عبد الله أنّه قال : ما سمعنا ولا رأينا بمتشيّع رجع عن تشيّعه إلى النصب إلا أحمد ابن هلال (١).
بل يظهر كما عن شيخنا الأنصاري (٢) من نسبته إلى النصب تارة وإلى الغلو اخرى عدم اعتناقه مذهباً أصلاً ، لما بين المسلكين من بعد المشرقين وكونهما على طرفي النقيض.
ولعلّ السرّ والله العالم في عدوله عن الحقّ وانحرافه عن المذهب هو البغي والحسد ، حيث إنّه كما عرفت كان من أعيان هذه الطائفة ووجوهها ، وعلى جانب عظيم في أعين الناس ، وقد لقيه أصحابنا بالعراق وكتبوا عنه ، وأنكروا ما ورد في مذمّته حتى حملوا القاسم بن العلاء على أن يراجع في أمره مرة بعد اخرى ، ولذلك كان يتوقّع اللعين صدور التوقيع باسمه وتفويض السفارة اليه وجعله نائباً خاصاً ، فلمّا رأى خلاف ذلك دعاه بغيه وحسده إلى الخروج عن الدين والانحراف عن الحق ، أعاذنا الله من سوء الخاتمة ، ووقانا من تسويلات النفس الغاشمة.
وكيف كان ، فكلّ ذلك مما لا ريب فيه ولا إشكال ، لكنّ شيئاً من ذلك لا يقتضي نفي الوثاقة عن الرجل في نفسه ، وعدم صدقه في حديثه الذي هو المناط في حجّية الخبر كي يعارض به توثيق النجاشي المتقدّم.
بل إنّ الرجل قد وقع في سلسلة سند كامل الزيارات ، وقد مرّ غير مرّة توثيق جعفر بن محمد بن قولويه لكلّ من يقع في سند كتابه ، ولزوم الأخذ به ما لم يثبت تضعيفه من الخارج. فهذا توثيق آخر يعضد توثيق النجاشي ، وليس في البين ما يعارض التوثيقين كي يرفع اليد عنهما.
وعليه فالأظهر قبول روايات أحمد بن هلال ، لثبوت توثيقه السليم عن
__________________
(١) كمال الدين : ٧٦.
(٢) كتاب الطهارة : ٥٧ السطر ١٩.