لم تنطبق على المورد ، فيتدارك القبح بتلك المصلحة.
وقد تقدّم نظير ذلك في السنجاب وقلنا إنّه وإن كان مورداً لموثقة ابن بكير المانعة عن الصلاة فيما لا يؤكل لحمه لكنّه يحكم بالجواز للنصّ الخاص الوارد فيه غير القابل للتأويل ، ويحمل إطلاق الموثّقة على غير هذا المورد فلاحظ (١).
الجهة الثالثة : لو أغمضنا عمّا ذكر وبنينا على استقرار المعارضة لتعذّر الجمع العرفي ، فهل يمكن ترجيح أحدهما على الآخر؟
ذكر صاحب الحدائق قدسسره أنّ الترجيح مع الصحيحتين ، لموافقة خبر الحلبي مع العامّة ، فإنّ المنقول عن أبي حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين جواز الصلاة في الحرير المحض فيحمل على التقيّة (٢).
وهذا كما ترى غريب جدّاً ، ضرورة أنّهم يجوّزون الصلاة في الحرير مطلقاً سواء كان مما تتم فيه الصلاة أم لا ، والمستفاد من موثّقة الحلبي ظهوراً ، بل صراحة المفروغية عن مانعية الحرير في الصلاة ، وأنّها أمر مفروض مسلّم وإنّما حكم بالجواز لكون الحرير مما لا تتم فيه الصلاة مثل التكّة والقلنسوة ونحوهما ، بحيث لولا هذه الجهة لكان عدم الجواز لمانعية الحرير في حدّ ذاته مما لا ريب فيه ، وهذا كما ترى مخالف لمذهب العامّة ، فكيف يحمل مثله على التقيّة.
وعن المحقّق الهمداني قدسسره عكس ذلك ، فحمل الصحيحتين على التقيّة ، ورجّح الموثّقة عليهما وقال بعد ما استظهر أنّهما رواية واحدة قد وقع الاختلاف في النقل من حيث التعبير باللفظ والمضمون ، فنقلها محمد بن عبد الجبار إجمالاً تارة وتفصيلاً اخرى : إنّهما من الأخبار التي تلوح منها آثار التقيّة ، حيث إنّهما من المكاتبة دون المشافهة ، ويحتاط في الأُولى ما لا يحتاط في الثانية ، فإنّها تبقى وهذه تفنى ، مع اشتمالها على نفي البأس عن الصلاة في وبر ما لا يؤكل كالأرانب مشروطاً بالتذكية المحمول على التقيّة البتّة.
__________________
(١) ص ١٩٤ فما بعدها.
(٢) الحدائق ٧ : ٩٧.