وفي التعليق على المشيئة إيماء إليها كما لا يخفى ، فبعد هذه الشواهد والأمارات سيما بعد تطرّق التقيّة في بعض الفقرات لا يبقى وثوق بصدورها لبيان الحكم الواقعي ، فلا مجال لدعوى إبائها عن التقيّة.
بل إنّ في العدول عن التصريح بالمنع عن الصلاة فيه إلى التعبير بنفي الحلّية في قوله عليهالسلام : « لا تحلّ الصلاة في الحرير المحض » المشعر بالحرمة النفسية فقط كما يرونها دون الوضعية كما نقول بها إيماء إلى ما ذكرناه من ابتنائها على التقية. وعليه فتحمل هذه الفقرة على إرادة حرمة نفس الحرير حال الصلاة لا بطلان الصلاة الواقعة فيه (١).
وأنت خبير بما فيه ، بل لم نكن نترقّب صدوره عن مثله قدسسره. أمّا ما أفاده من دعوى الاتحاد فغير بعيدة ، ولا نضايقه فيها.
وأمّا ما أفاده من حمل قوله عليهالسلام : « لا تحلّ الصلاة في الحرير المحض » على إرادة حرمة اللبس فمن غرائب الكلام ، بل لعلّ طرح الرواية أهون من هذا الحمل ، ضرورة ظهور قوله : « لا تحلّ » بل صراحته في نفي الحلّية الوضعيّة المساوقة للبطلان ، سيما بعد إسناده إلى الصلاة نفسها ، فكيف يحمل على الحرمة النفسية ويسند إلى اللبس غير المختص بحال الصلاة.
فالإنصاف : أنّه لا يمكن ترجيح شيء من الروايتين على الأُخرى بالحمل على التقية ، لمخالفتهما معاً مع العامّة. ومن الظاهر عدم موافقة مضمون إحداهما مع الكتاب أو مخالفته كي يرجّح من هذه الجهة. وقد ذكرنا في بحث التعادل والتراجيح حصر الترجيح بهذين (٢) فهما متكافئان بعد تسليم المعارضة.
وحينئذ فان بنينا على التخيير بعد فقد الترجيح كما هو المشهور جاز الأخذ بأحدهما مخيّراً والفتوى بمضمونه ، وإلا كما هو الأقوى ، لضعف أخبار
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ١٤١ السطر ٢٦.
(٢) مصباح الأُصول ٣ : ٤١٤.