بالتعرّض من الإحرام غير الواجب في العمر إلا مرة على المستطيع ، ومن الواضح أنّ استثناء مثل الإحرام المعتبر فيه ثوب مخصوص قرينة ظاهرة على إرادة الأعم من التكليف والوضع في المستثنى منه.
والإنصاف : أنّ دلالة الرواية ظاهرة ، بل صريحة ، لكن الشأن في سندها [ فإنّه ] ضعيف من جهة الإرسال.
وقد يتصدى لتصحيحه تارة بالانجبار بالعمل وأُخرى بأنّ المرسل وهو ابن بكير من أصحاب الإجماع ، وثالثة بأنّ في السند أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري الذي لا يروي إلا عن الثقة.
والكلّ كما ترى ، أمّا الأوّل فظاهر من مسلكنا ، وأمّا الثاني فلما أشرنا إليه غير مرّة في مطاوي هذا الشرح من أنّ الإجماع الذي ادّعاه الكشي على تصحيح ما يصحّ عن جماعة (١) لا يراد به تلقّي روايات هؤلاء بالقبول ، على نحو لا ينظر في من وقع بعدهم في السند ، بحيث مهما بلغ السند إليهم وصحّ عنهم يعامل معه إرسال المسلّم ، وكأنهم رووه عن المعصوم عليهالسلام بلا واسطة ، فإنّ هذا لا يكاد يستفاد من عبارة الكشي بوجه.
بل الظاهر منها دعوى الاتفاق على قبول رواية هؤلاء من حيث إنّهم رواة وتصديقهم فيما يخبرون ، كما عبّر بعين هذا اللفظ أعني التصديق فلا يغمز في السند من أجلهم ، لما هم عليه من الجلالة والفقاهة والوثاقة ، إذ الغمز والطعن إمّا من جهة الاشتباه وعدم التفطّن للمراد وهو منافٍ لفقاهتهم ، أو لأجل الكذب وهو منافٍ لوثاقتهم.
وبالجملة : فلا يظهر من العبارة المزبورة أكثر من دعوى الإجماع على توثيق الجماعة ، لا حجية كلّ سند وقع أحدهم فيه ولو رواه مرسلاً أو عمّن لم تثبت وثاقته لدينا كما لا يخفى على من لاحظها.
__________________
(١) رجال الكشي : ٣٧٥ / ٧٠٥.