الذي هو المناط في التزاحم ، وعليه فلا بدّ من ملاحظة مرجّحات هذا الباب ومقتضاها تقديم حرمة الغصب والإتيان بالصلاة عارياً ، فانّ حرمته فعلية مطلقة غير مشروطة بشيء ، بخلاف الستر فإنّه مشروط بالتمكّن من الساتر والقدرة عليه ، كما يكشف عنه ما دلّ على لزوم الصلاة عارياً لدى العجز عن الساتر ، فإنّه كاشف عن اختصاص اشتراط الساتر بالقادر ، ولا ريب في تقدّم المطلق على المشروط ، لانعدام موضوع الثاني بالأوّل ، إذ هو مشروط بالقدرة كما عرفت. وإطلاق النهي عن الغصب سالب لها ومعجّز عنها بعد ملاحظة أن الممنوع شرعاً كالممنوع عقلاً ، فلا فرق بين عدم وجود الساتر رأساً أو وجوده والمنع عن التصرف فيه شرعاً.
وبعبارة اخرى : القدرة المعتبرة في حرمة الغصب عقلية ، وفي وجوب الستر شرعية ، ولا ريب في تقدّم الاولى على الثانية كما حرّر في مرجّحات باب التزاحم (١).
فالمقام بعينه نظير ما إذا انحصر الماء بالمغصوب ، فكما ينتقل هناك إلى التيمّم ، لأنّ الوضوء مشروط شرعاً بالتمكّن من الماء على ما يستفاد من نفس الآية المباركة (٢) بقرينة ذكر المريض ، ببيان تقدّم في محلّه (٣) والنهي عن التصرّف في الماء المغصوب سالب للتمكّن ورافع للقدرة على استعماله شرعاً فلا يكون واجداً للماء ، فكذا ينتقل في المقام إلى الصلاة عارياً بعين الملاك ، من دون فرق بينهما أصلاً.
وممّا ذكرنا يظهر فساد ما عن مفتاح الكرامة من ترجيح الصلاة في الساتر المغصوب ، بدعوى أنّ الترديد ليس بين ارتكاب الغصب وترك الستر فحسب بل تركه وترك الركوع والسجود ، إذ العاري وظيفته الإيماء إليهما ، ولا ريب أنّ
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ٣٥٨.
(٢) المائدة ٥ : ٦.
(٣) شرح العروة ١٠ : ٦٨.