أجله استشكل في إطلاق نفي الإعادة مع الانحراف اليسير كما عليه المشهور ، بل خصّه بما إذا كان الانكشاف خارج الوقت ، وأمّا في الوقت فتجب الإعادة سواء كان الانحراف إلى ما بين اليمين واليسار أم أكثر كما حكى القول بذلك عن ظاهر القدماء.
وربما يجاب عنه بلزوم تقديم الجمع الأول المتضمن للتصرف في الموضوع على الجمع الثاني الذي هو تصرف في متعلّق الحكم ، وذلك لأن المستفاد من الطائفة الأُولى كصحيح معاوية أن للانحراف ما بين الشرق والغرب خصوصية بها يمتاز عن غيره ، ولذا خصّه بالذكر.
وعليه فلو قدّمناها على الطائفة الثانية كصحيح عبد الرحمن القاضية بوجوب الإعادة في الوقت مع الانحراف على الإطلاق وقيّدناه بالانحراف الكثير البالغ حد الشرق والغرب فما زاد ، لم يلزم منه محذور عدا تقييد الإطلاق الذي هو هيّن وغير عزيز في الأخبار ، وهذا بخلاف ما لو قدّمنا الطائفة الثانية وقيّدنا بها إطلاق الأُولى ، فإنّ فيه محذرواً زائداً على أصل التقييد ، إذ المتحصّل بعد حمل الاولى على الثانية أنّ العبرة في نفي الإعادة إنما هو بخروج الوقت كما هو مفاد صحيح عبد الرحمن ، سواء كان الانحراف يسيراً أم كثيراً ، فلا يكون للانحراف إلى ما بين اليمين واليسار المأخوذ في موضوع الطائفة الأُولى خصوصية في نفي الإعادة ، فلازم ذلك إلغاء هذه الخصوصية ، مع أنّك عرفت أنّ المستفاد من صحيحة معاوية وغيرها أنّ لهذا القيد خصوصية بها تمتاز عن غيره ، فلا مناص من تقديم الجمع الأول تحفظاً على هذه الخصوصية كي لا يلزم إلغاؤها.
أقول : لا ريب أنّه كلّما دار الأمر في مقام الجمع بين الدليلين المتعارضين بالعموم من وجه بين ارتكاب تقييد مستلزم لطرح العنوان وإلغاء الخصوصية المأخوذة في لسان الدليل ، وبين ارتكاب تقييد غير مستلزم لذلك تعيّن الثاني تحفظاً على العنوان ، وحذراً من اللغويّة المترتبة على الأوّل ، وكم لهذه الكبرى مصاديق ونظائر ، تقدم غير واحد منها في مطاوي هذا الشرح.