وفيه : أنّ ذكر الاجتهاد ليس لخصوصية فيه ، بل لأجل أنّ المفروض في السؤال أنّ الرجل في قفر من الأرض واليوم غيّم ، وبطبيعة الحال يتحرى المتصدي للصلاة ويفحص عن القبلة في مثل هذا الظرف ، فتخصيص الاجتهاد بالذكر لكونه جارياً مجرى الغالب ، فلا يدلّ على المفهوم حتى يتقيد به الإطلاق المزبور لو قلنا بثبوت المفهوم الاصطلاحي للقيد.
الثانية : صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : « في الأعمى يؤم القوم وهو على غير القبلة ، قال : يعيد ولا يعيدون ، فإنّهم قد تحروا » (١) فانّ تعليل إعادته دونهم بتحرّيهم دونه يدلّ على دوران الصحة مدار التحري والاجتهاد ، فبدونه تجب الإعادة ، ومقتضى الإطلاق عدم الفرق بين الوقت وخارجه.
وفيه : أنّ ظاهر الصحيح أنّ الانكشاف للأعمى إنّما كان في الوقت وبعد الفراغ من الصلاة ، من جهة أخبار المأمومين إيّاه الذين قد تحروا فلا يشمل خارج الوقت.
ويعضده التصريح بالتفصيل بين الوقت وخارجه في صحيحة أبي بصير الواردة في الأعمى عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « الأعمى إذا صلّى لغير القبلة فإن كان في وقت فليعد ، وإن كان قد مضى الوقت فلا يعيد » (٢).
وبالجملة : فالصحيحة أجنبية عن القضاء الذي هو محلّ الكلام ، بل هي خاصة بالإعادة في الوقت فتحمل على الانحراف الكثير ، للنصوص المتقدمة النافية للإعادة في الوقت مع الانحراف اليسير وإن لم يتحرّ كأن كان غافلاً ونحوه كما مرّ (٣) ، إذ لا يحتمل اختصاص الأعمى بحكم دون غيره.
وكيف كان ، فالإطلاق المتقدم محكّم بعد سلامته عما يصلح للتقييد ، ولأجله يحكم بشمول الحكم للمجتهد وغيره كما عرفت.
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٣١٧ / أبواب القبلة ب ١١ ح ٧.
(٢) الوسائل ٤ : ٣١٨ / أبواب القبلة ب ١١ ح ٩.
(٣) في ص ٣٩ فما بعد.