الرأس. ومن هنا وقع الأصحاب في كيفيّة الجمع بينها وبين النصوص المتقدمة الدالّة على وجوب ستر الرأس في حيص وبيص.
فحملها الشيخ قدسسره (١) تارة على الصبية. وهو كما ترى ، للتصريح فيها بالمرأة غير الصادقة على الصغيرة بالضرورة.
وأُخرى على حال الضرورة. وهذا أيضاً أبعد من سابقه ، إذ مضافاً إلى عدم اختصاصه حينئذ بالرأس ، لجواز الكشف عن كلّ جزء من البدن ، بل عن جميعه لدى الاضطرار بلا إشكال يردّه : أنّه حمل تبرعي منافٍ لظهور الكلام جدّاً ، إذ ليس المنسبق منه إلى الذهن إلا إرادة حال الاختيار. وهل ترى جواز الحمل على الاضطرار فيما لو ورد مثلاً أنّ شرب الخمر حلال ، أو أنّه يطرح بلا تأمل ولا إشكال؟
وحملها صاحب الحدائق قدسسره على إرادة عدم وجوب التستر بالقناع خاصة ، فلا ينافي وجوب الستر بساتر آخر (٢). وهذا أيضاً يتلو ما تقدّمه في الضعف ، للتصريح فيها بأنّها تصلّي مكشوفة الرأس ، ولا ريب أنّ التستر بأي ساتر ولو غير القناع ينافي الكشف بالضرورة.
فالإنصاف : أنّه لا جواب لنا عن هذه الموثّقة ، ولا مناص عن الاعتراف باستقرار المعارضة بينها وبين النصوص المتقدمة بعد تعذر الجمع في خصوص المقام بالحمل على الاستحباب ، لما في بعض تلك النصوص ما يأبى لسانه عن الحمل عليه ، وهي صحيحة زرارة ، قال : « سالت أبا جعفر عليهالسلام عن أدنى ما تصلي فيه المرأة ، قال : درع وملحفة فتنشرها على رأسها وتجلّل بها » (٣) فإنّ السؤال عن أقل الواجب وأدنى ما يجزئ عنه ، وقد اعتبر عليهالسلام في الجواب ستر الرأس ، فكيف يحمل على الاستحباب.
فالمعارضة مستقرة والمعالجة متعذرة ، فلا مناص من طرح الموثقة ، لعدم
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢١٨ / ذيل ح ٨٥٨.
(٢) الحدائق ٧ : ١٢.
(٣) الوسائل ٤ : ٤٠٧ / أبواب لباس المصلي ب ٢٨ ح ٩.