ما بنى عليه الأمر قدسسره من اقتضاء الظّن إذا كان حجّة إذا كان حجّة لذلك ؛ فإنّ حجيّته مبنيّة على بطلان الاحتياط رأسا في الشّرعيّات ولم يثبت ؛ نظرا إلى عدم اقتضاء دليل نفي الحرج إلا بطلانه في الجملة.
نعم ، لو قام هناك دليل آخر على عدم وجوب الاحتياط رأسا وعدم تعلّق إرادة الشّارع بالامتثال الإجمالي مطلقا فيكون لزوم الحرج من الاحتياط حكمه في إلقاء الشارع للاحتياط لا علّة حتّى يدور الحكم مداره تعيّن في حكم العقل العدول إلى الامتثال الظّني فيكون الظّن حجّة في حكم العقل وأنّى لهم بإثبات ذلك؟ هذا.
وأمّا ما استدركه قدسسره بقوله : « نعم ، لو ثبت أنّ الاحتياط في المشكوكات يوجب العسر تثبت النّتيجة » (١).
فربما يناقش فيه ـ بما عرفت سابقا ، بل اعترف به ـ : من أنّ مجرّد بطلان وجوب الاحتياط في موهومات التّكليف ومشكوكه للزوم الحرج لا يقتضي ترتيب جميع آثار الحجيّة على الظّن غاية ما هناك وجوب الاحتياط في مظنونات التّكليف مطلقا. وعدم وجوبه في غيرها من جهة لزوم الحرج ، وأين هذا من حجيّة الظّن؟
اللهمّ إلاّ أن يكون غرضه إثبات الرّجوع إلى الأصل في مشكوكات التّكليف وترتيب هذا الأمر الخاصّ عليه فيحكم بحجيّته من هذه الجهة ، أو يكون الغرض الحكم بالحجيّة مطلقا من حيث كشف تجويز الرّجوع إلى الأصل في
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٥١٠.