وحكم الشارع بعدم لزوم رعاية حكم العلم الإجمالي فيها للزوم الحرج من مراعاته ؛ إذ المانع من الرّجوع إلى الأصل بقول مطلق سواء كان أصلا عمليّا أو لفظيّا ليس في المقام بالفرض ، إلاّ العلم الإجمالي ، فإذا كان في حكم الشارع بمنزلة عدمه بالنّسبة إلى بعض أطرافه ومحتملاته ، فيترتّب عليه ما كان من أحكامه في نفسه من غير تعلّق علم إجمالي فكما يرجع إلى الأصل العملي في الفرض المزبور ، فكذلك يرجع إلى الأصل اللّفظي.
فالإشكال المذكور إنّما يتوجّه على تقدير تسليم اندفاع الحرج بمخالفة الاحتياط في خصوص موهومات التكليف وهي المراد من المظنونات في قوله قدسسره : « فإذا فرضنا رجوع الأمر إلى ترك الاحتياط في المظنونات » (١).
ومنه يظهر : أنّ عطف قوله : « أو في المشكوكات أيضا على المظنونات » (٢) سهو من قلمه الشّريف أو من النّاسخ ، كما تنادي كلماته المتأخّرة والمتقدّمة ؛ فإنّه قد صرّح قبل ذلك : بأنّ توجّه الإشكال الأوّل مبنيّ على اندفاع الحرج بمخالفة الاحتياط في الموهومات فقط ، وأنّه لا يتوجّه إذا فرض لزوم الحرج من الاحتياط في المشكوكات.
وكذا قرّر الإشكال الثّاني بعد العبارة المذكورة فيما لو فرض اندفاع الحرج بمخالفة الاحتياط في خصوص موارد الأمارات القائمة على نفي التّكليف الإلزامي.
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٥١١.
(٢) نفس المصدر.