أساس حجيّة الظّن المطلق في الأزمنة المتأخّرة وأحكمه ، وإن سبقه إلى ذلك شيخه وأستاذه الفريد المحقّق الأستاذ البهبهاني المؤسّس لهذا القانون حقيقة ، وفاقا لشريكه في التّلمّذ السيّد السّند المير سيّد علي صاحب « الرّياض » ؛ فإنّه قد أفرد رسالة في هذه المسألة ، وأشرح (١) القول فيه. وتبعهم جماعة ممّن تأخّر من تلامذتهم وغيرهم إلا أنّي لم أر مثل المحقّق القمّي قدسسره ( وقدّس الله أسرارهم ) في الإصرار وتكثير القول فيها ، بل قد لا يأبى بعض كلماته من القول بحجّية مطلق الظّن في زمان انفتاح باب العلم ؛ حيث إنّه ذكر في مطاوي كلماته : أنّه لمّا كان دفع الضّرر المظنون واجبا ودفع المحتمل منه غير واجب بحكم العقل ، قلنا بحجيّة مطلق الظّن من أوّل الأمر أيضا ـ إلى ـ في زمان انفتاح باب العلم ).
فإنّه زعم أنّ مبنى وجوب تحصيل العلم في المسألة عند التّمكّن هو خصوص حكم العقل من جهة حكمه بوجوب دفع الضّرر المحتمل الّذي منعه. وإن ذكرنا في مطاوي كلماتنا السّابقة : أنّ لزوم دفع الضّرر المحتمل الأخروي ممّا يحكم به ضرورة العقل ، وهو مبنى وجوب النّظر في المعجزة ، بل مبنى وجوب شكر المنعم ، المبتنى عليه وجوب معرفته في وجه.
مضافا إلى عدم انحصار دليل وجوب تحصيل العلم في القاعدة المذكورة ، بل هو ممّا قضت به الأدلّة الثّلاثة على وجه الارتياب في دلالتها بل الكتاب والسّنة مشحونان منه كما هو ظاهر لمن راجع إليهما ، إلاّ أنّي لا أظنّ أنّ هذا الكلام ممّا يعتقد به قدسسره ، بل ذكره وجها في المسألة ، فإنّ القول بذلك خلاف الإجماع يقينا ،
__________________
(١) كذا والصحيح : « وأطال في شرح القول فيها ».