مثل ما نهى عن القياس بل وأزيد واختفى علينا ولا دافع لهذا الاحتمال إلاّ قبح ذلك على الشارع ... إلى آخره » (١).
ويظهر أيضا فساد ما أورد عليه : بأنّ مجرّد احتمال نهي الشارع عن سائر الظّنون كنهيه عن القياس لا يمنع من حكم العقل بالحجيّة لدوران الأمر مع هذا الاحتمال في موارد الظّنون بين الإطاعة الظّنية والإطاعة الوهميّة ، والمفروض استقلال العقل في الحكم في هذا الدّوران بتقديم الأولى.
وقد اعترف قدسسره بذلك فيما تقدّم من الكلام في طيّ مقدّمات الانسداد واستند إليه في ردّ من أبطل المقدّمات بإبداء احتمال كون المرجع عند الشارع في زمان الانسداد غير الظّن كالفاضل النّراقي وغيره ؛ فإنّ مراده قدسسره من الاحتمال الّذي جعله مانعا عن حكم العقل ؛ هو احتمال نهي الشارع عن العمل بالظّن وترجيح الوهم عليه من حيث هما كذلك ، ومعلوم أنّ احتمال حكم الشارع في قضيّة على خلاف ما حكم به العقل فيها لا يجامع حكم العقل لا مطلق الاحتمال ، فإنّ احتمال نهيه عن الظّن وإيجابه الأخذ بخلافه من جهة مصلحة غالبة فيه أو مفسدة في العمل بالظّن لا ينافي حكمه أصلا ولا يمنع منه جزما.
توضيح ذلك : أنّ نهي الشارع عن العمل بالظّنّ في زمان الانسداد قد يكون على وجه الطّريقيّة وهذا هو الّذي يحكم العقل بقبحه من الشارع مع تعلّق الغرض بالواقع من حيث استلزامه لنقض الغرض ولا يجامع حكم العقل بحجيّة الظّن ، فكما أنّ القطع بصدوره على هذا الوجه لا يجامع حكم العقل ، كذلك احتماله
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٥١٦.