العالم. ومقتضى ما ذكره سابقا : عدم إمكان ذلك كما هو قضيّة صريحة هذا (١).
ويمكن دفعه : بأنّ المراد ممّا أفاده سابقا : من عدم الجواز إنّما هو بالنّظر إلى الواقع والمكلّف الملتفت بأنّ الله ( تعالى ) يريد الواقع منه ومن كلّ أحد.
والمراد ممّا أفاده في المقام : إنّما هو بالنّسبة إلى المكلّف الّذي لم يلتفت إلى ما هو المركوز في العقول : من عدم جواز عدم إرادة الواقع منه ، وقد صرّح قدسسره بما يستفاد منه هذا التّفصيل في أوّل « الكتاب » في فروع اعتبار العلم فراجع هذا.
ولكن قد يناقش فيما أفاده : من الفرق بين العلم والظّن ـ حيث لا يجوز تكليف المكلّف على خلاف مقتضى الأوّل واقعا ويجوز تكليفه على خلاف مقتضى الثّاني واقعا بإظهار عدم إرادة الواقع منه ـ :
بأنّه إن جوّز في حكم العقل إعراض الشارع عن الواقع في مادّة من المواد لأجل مصلحة ترجع إلى المكلّف فلا يفرّق فيه بين أن يعلم المكلّف بالواقع أو ظنّ به وإن لم يجوّزه فلا يفرق فيه أيضا بين أن يعلم به أو يظنّه حيث إنّ الظّن كالعلم في زمان الانسداد في نظر العقل حسبما صرّح به قدسسره في غير موضع من كلامه ، فالتّفصيل لا وجه له.
وأنت خبير بفساد المناقشة المذكورة ؛ لوضوح الفرق بين العلم والظّن في التّجويز المذكور ؛ لأنّ نهي الشارع عن العمل بالعلم يكون مناقضا لما جعله في الواقعة المعلومة وهذا بخلاف الظّن فإنّ النّهي عن العمل به لا يكون مناقضا لما جعله في الواقعة في نظر الظّان أصلا ، غاية ما هناك حكم العقل بحجيّة الظّن عند
__________________
(١) أنظر حاشية فرائد الأصول تقرير بحث السيّد اليزدي : ج ١ / ٦٤٧.