فإن فرض مورد العلم بغلبة مخالفة الواقع الأفراد الّتي لا يحصل الظّن منها فهو لا يوجب رفع اليد عمّا يحصل الظّن منه لوجود المناط العقلي فيه كما هو المفروض.
وإن فرض مورده تمام الأفراد أو خصوص ما يحصل الظّن منه ، فكيف يجامع حصول الظّن منه؟
ولكنّك خبير بعدم توجّه هذا الإشكال عند التّأمل ؛ لأنّا نقول : إنّ العلم الحاصل من الأخبار بغلبة مخالفة الواقع في القياس إنّما هو بالنّسبة إلى جميع أفراده وهي كانت مفيدة للظّن من دون ملاحظة الأخبار الكاشفة عن حال القياس ، وأمّا بملاحظتها فيرتفع الظّن من كثيرها.
ومن هنا ذكر قدسسره سابقا : أنّ هذه الأخبار وإن لم توجب ارتفاع الظّن الحاصل من القياس دائما ، إلاّ أنّها موهنة قوية توجب ارتفاع الظّن الحاصل منها في ابتداء النّظر والأمر غالبا ، وأمّا إذا حصل الظّن منه في مورد أو موارد قليلة فيحكم ظنّا بأنّ القياس المخالف للواقع هو غيره نظير الظّن الحاصل من الغلبة مع العلم الإجمالي بالمخالفة.
ومن هنا يحصل الظّن من الأمارات الشّرعيّة مع العلم بمخالفة بعضها للواقع في الجملة فافهم.
ثمّ إنّه بقي هنا شيء ينبغي التّنبيه عليه : وهو أنّ ما أفاده قدسسره بالنّسبة إلى الوسواسيّ العالم ـ على ما عرفت توضيحه وشرحه ـ إنّما هو فيما إذا قلنا بمانعيّة النّجاسة مثلا بالنّسبة إليه ، وأما إذا قلنا بارتفاع مانعيّتها في حقّه ، فليس هنا تكليف بخلاف الواقع أصلا.