فقد ظهر من ذلك كلّه : أن كلّ من قال بحجيّة مطلق الظّن في الأحكام الشّرعيّة ، يلزم القول بحجيّة مطلق الظّن بالموضوعات الرّجاليّة من الحيثيّة المذكورة سواء حصل من قول من اجتمع فيه شرائط الشّهادة أو لا ، وسواء حصل من قول أهل الخبرة كالكشي والنّجاشي أو غيره. كلّ ذلك لما عرفت من استقلال العقل في حكمه بعدم الفرق بين أسباب الظّنّ بالبراءة.
بل التّحقيق ـ على القول بتقرير الكشف وإهمال النّتيجة من جهة احتمال مدخليّة بعض الخصوصيّات في نظر الشارع سواء بني على التّعميم من جهة المعمّم الخارجي ، أو التّخصيص من جهة الأخذ بالقدر المتيقّن ، أو غيره ـ : عدم الفرق بين الظّن الحاصل من الأمارة بالحكم الفرعي الواقعي بلا واسطة أو معها سواء كان موردها الموضوع المستنبط أو الموضوع الخارجي الواقع في طريق الحكم كالموضوعات الرّجاليّة.
فقد ظهر ممّا ذكرنا : أنّه لا مناص عن القول بحجيّة مطلق الظّن بالموضوعات الرّجاليّة من حيث التّوليد للظّن بالحكم الفرعي الكلّي. كما أنّك عرفت : أنّه لا مناص عن القول بحجيّة مطلق الظّن في اللّغات على هذا القول من الحيثيّة المذكورة هذا.
ولكن المحكيّ عن بعض المتأخّرين ، والمسموع عن آخر ، دعوى الإجماع على حجيّة مطلق الظّنّ في الموضوعات الرّجاليّة على القول بالظّن الخاصّ في الأحكام وعدم التّعدي عن طرق خاصّة.
وهذا نظير دعوى بعضهم الإجماع على حجيّة مطلق الظّن في اللّغات حتّى على القول بالظّنون الخاصّة ، فلا يعتبر على هذا الزّعم ملاحظة الحيثيّة المذكورة.