اختياريّا ابتداء وبالذّات كما قد يتوهّم فلا إشكال ؛ لأنّ الفعل الّذي يعتبر تعلّق التّكليف به أعمّ من أن يكون من أفعال القلب أو الجوارح وإن فرض اضطراريّا كما هو الحقّ وعليه المحقّقون من كون جميع الإدراكات اضطراريّا فكذلك ؛ لأنّ المقدور بالواسطة مقدور ويصحّ تعلّق التّكليف به سواء كان من أفعال القلب أو الجوارح.
وبالجملة : تعلّق الأمر والتّكليف بالعلم والتّصديق ممّا لا مجال لإنكاره فإن كان العلم من الأفعال فهو وإن كان انفعالا للقلب ، فلا بدّ من إرجاع الأمر به إلى الأمر بمقدّماته ، وليس فيه إلاّ مخالفة ظاهر كلماتهم ، وهي ممّا لا يوجب رفع اليد عمّا قضت به الضّرورة : من عدم تعلّق التّكليف بما لا يكون من مقولة الفعل ، فالاستدلال على كون العلم مغايرا للاعتقاد من حيث تعلّق التّكليف به محلّ نظر بل منع.
وأمّا الحكم بكفر جماعة ممّن كانوا عالمين بالحقّ كفرعون وأضرابه ، فليس من جهة عدم اعتقادهم مع علمهم بالحقّ ، بل من جهة إنكارهم للحقّ وعدم التزامهم به. إذن الإيمان ليس مجرّد الاعتقاد ؛ ضرورة اعتبار أمر آخر وراءه فيه.
نعم ، لا إشكال في أنّ هنا شيئا آخر وراء العلم ، وهو الرّضا وطيب النّفس في مقابل الاستنكاف والاستكبار القلبي ، وقد اعتبر الرّضا والتّسليم في رواية