على نفس العمل بالظّن وتركه وإن لم يترتّب على موافقة الأمر المتعلّق به ولا على مخالفته شيء من الثّواب والعقاب كما يلتزم به بالنّسبة إلى الإطاعة والمعصية.
اللهم إلاّ أن يكون مراده قدسسره : أنّ سلوك الظن والعمل به عند مصادفته للواقع يترتّب عليه آثار إطاعة الأوامر الواقعيّة من غير أن يترتّب على موافقة نفس الأمر المتعلّق به بعنوان الطّريقيّة شيء ، فالعنوان الّذي يترتّب عليه الآثار ، إطاعة الأوامر الواقعيّة المستكشفة بالظّن ، فالعمل بالظّن بهذا العنوان له آثار وأمّا الأمر المتعلّق به فلا أثر له من حيث هو فسلوك الظن إطاعة للأوامر الواقعيّة في الجملة.
فإذن يصحّ أن يقال : إنّ إطاعة الأوامر الواقعيّة قد تكون مع العلم بها ، وقد تكون مع الظّن بها ، فهي مع الظن بها نحو من الإطاعة فليس الغرض جعل سلوك الظّن بقول مطلق من مراتب الإطاعة حتّى يتوجّه عليه المناقشة المذكورة.
نعم ، لا بدّ أن يلاحظ الشّارع في أمره بسلوك الطّريق الظّني ـ مع التمكّن من تحصيل العلم ـ بالواقع ما يتدارك به ما يفوت من الواقع من العمل به ، لا أن يحدث في الفعل الّذي قام على وجوبه مثلا مصلحة حتّى يرجع إلى التّصويب ، أو أن يكون في العمل به وسلوكه مصلحة حتّى يشكل الفرق بينه وبين التّصويب عند التّأمّل ، على ما عرفت شرح القول فيه في مطاوي كلماتنا السّابقة.
ومن هنا أبطلنا القول باختصاص حجيّة الظّن بالطّريق بعد تسليم العلم الإجمالي بجعله فيما علّقناه على الأمر المتقدّم ، كما أبطلنا القول باقتضاء الأمر الظّاهري للإجزاء في مسألة الإجزاء.
هذا غاية ما يقال في شرح كلماته قدسسره في هذا المقام وعليك بالتّأمّل فيه لعلّك تجده حقيقا بالقبول والإذعان.