وكونه معتبرا في الإيمان بالاتّفاق شطط من الكلام ؛ إذ ليس أمره أوضح من أمر التّوحيد والنّبوّة مع التّصريح باعتبار الاعتقاد والإقرار بهما في جميع الأخبار (١). نعم ، في غير واحد من الآيات إشارة إلى كونه أصلا مستقلاّ ، بل في بعضها دلالة على ذلك وإن كان في أكثر الآيات الواردة في هذا الباب ما يدلّ على كونه كسائر الضّروريّات الدّينيّة كالصّلاة والزّكاة فراجع إليها ، بل يستفاد من الآيات الكثيرة مزيد اهتمام بشأنه وأنّ كلّ نبيّ كان مأمورا بتبليغه ، وأنّ إنكار النّبوّات في غالب الأعصار كان مستندا إلى إنكار المعاد والبعث ، بل ربّما كان إنكار الصانع مستندا إليه ، كما يظهر لمن راجع الآيات الواردة في هذا الباب وتأمّل فيها.
وأمّا القول : بأنّ الأخبار ليست في مقام بيان تمام ما يعتبر في الإيمان
__________________
(١) هذا منه في غاية الغرابة إذ لم يهمل أمر المعاد في الأخبار فكما تحدّثت عن لزوم الإقرار بالتوحيد والنبوّة تحدّثت إلى جانبه عن لزوم الإقرار بيوم البعث أيضا ولعله رضوان الله تعالى عليه لم يستقص الأخبار الواردة في الباب هذا الى جانب الكتاب الشريف حيث ان ثلث آياته المكيّة تناولت ذكر المعاد وتفاصيله وضرورة الاعتقاد به ، صحيح أنّ أمره ليس بأوضح من التوحيد والنبوّة ومع ذلك لم يذكر التصريح بالإقرار به في جملة من الأخبار ، لكن الميرزا رضى الله عنه ، كأنّه غفل عن ان الاعتراف بالأصلين السابقين مقدّمة لهذا الأصل بمعنى ان الاعتراف بالوحدانية بعد الإيمان بالنبوّة والإقرار بواقعها والإلتزام بمبادئها طريق للوصول الى نعيم الأبد أو شقاوة الأبد على تقدير الجحود وان كان واقع الأمر قد أجمل برمّته في المبدء الازلي قال الله عزّ وجل حكاية عن عباده : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) إذ هو الأوّل والآخر ، إن كلّ من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا.