والجواب عن الأوّل : ظاهر ؛ إذ المفروض كون العاجز عاجزا عن المجاهدة ، بل ربّما يكون غافلا صرفا ، فكيف يتصوّر في حقّه المجاهدة؟ والهداية في الآية مترتّبة على المجاهدة.
وأمّا عن الثّاني : فبأنّ المراد بيان الغرض من خلق نوعي الجنّ والبشر ، وأنّه لتكميل النّفوس بمعرفة باريهم وخالقهم حتّى يترتّب عليها التّشبّه به بكسب الأخلاق الحميدة والأعمال المحمودة ، ولا ينافي ذلك عجز بعض الأشخاص وإلاّ لزم عدم وجود المجنون في العالم ، أو عدم موت أحد في صغره ؛ للزوم العبث في الخلق كما توهّم. ومنه يظهر : المراد من الحديث الشّريف أيضا ؛ فإنّ ترتب المعرفة على الخلق المتعلّق لإرادة الله « عزّ وجلّ » لا يلازم عدم وجود العاجز.
وأمّا عن الثّالث : فبأنّ المراد من الآية والرّواية كون آيات المعرفة موجودة في الأنفس ، كما أنّها موجودة في الآفاق. ولا ينافي ذلك عروض الحجاب عن النّظر إليها والتّأمّل فيها بقصر قاصر ، ولو بالاكتساب القهري عن الآباء والأمّهات فافهم.
والإنصاف وجود العاجز كما نشاهد بالوجدان. مضافا إلى ما ورد في حقّ المستضعف ، وإلى الأخبار الدّالة على ثبوت الواسطة ممّا عرفت جملة منها ، سيّما ما عرفته في قضيّة مناظرة الإمام عليهالسلام مع زرارة ، وغيرها كما ذكره قدسسره في « الكتاب » (١).
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٥٧٦ ، والخبر في الكافي الشريف : ج ٢ / ٤٠٣ باب « الضّلاّل » ـ ح ٢.