مهديّا إلى الحقّ وواصلا إليه بمقتضى الآية.
ثانيها : حكم العقل بذلك ، بعد عرفان كون الغرض من الخلق المعرفة ، ولو بملاحظة قوله تبارك وتعالى : ( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) (١) أي :ليعرفون. كما هو مقتضى التّفسير والحديث القدسي : « كنت كنزا مخفيّا فأحببت أن أعرف ، فخلقت الخلق لكي أعرف » (٢) فلو كان بعض المكلّفين قاصرا وعاجزا عن المعرفة لزم كون خلقته عبثا ولغوا.
ثالثها : قوله تعالى : ( فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ) (٣).
ومثله قوله عليهالسلام : « كلّ مولود يولد على الفطرة إلاّ أنّ أبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه » (٤).
فإنّ مقتضاهما كون معرفة الله عزّ وجل وأوليائه من الودائع الرّبانيّة والإلهامات الإلهيّة في النّفوس البشريّة لا تزول عنها إلاّ بصارف قويّ فإذا فرض كون المعرفة مكنونة في النّفوس بحسب التّكوين الإلهي ، فكيف يفرض العجز عنها؟ هذا.
__________________
(١) الذّاريات : ٥٦.
(٢) لا أصل له في التراث الموجود عن أهل البيت عليهمالسلام أبدا ، نعم ، كتب التصوّف مملوءة منه عند الخاصة والعامّة ، والظاهر انه مأخوذ من أرباب التصوّف من أبناء العامّة.
(٣) الروم : ٣٠.
(٤) الكافي الشريف : ج ٢ / ١٣ ح ٣ من باب « فطرة الخلق على التوحيد ».