استقلال العقل في الحكم بحجيّة الظّن في الموضوع الّذي دار الأمر بينه وبين غيره من الشّك والوهم كما فرض وجوده بالنّظر إلى مقدّمات دليل الانسداد المتقدّمة.
وثانيا : أنّ غاية ما يحكم به العقل بالنّظر إلى المقدّمة المفروضة ـ بعد الإغماض عمّا ذكر أوّلا ـ هو وجوب نصب الطّريق على الشّارع من غير فرق بين الظّن وغيره. وإيجابه نصب خصوص الظّن على الشّارع إنّما هو موقوف ومتفرّع على علمه بانتفاء ما يصلح للطّريقيّة في نظر الشّارع ممّا لا يدخل في عنوان الظن وجزمه بذلك حتّى يحكم بوجوب نصب خصوص الظّن على الشّارع من جهة الانحصار ، وأنّى له بذلك بعد تجويز نصب الشارع لما لا يفيد الظن أصلا من باب التّعبّد ؛ لما يرى فيه من المصلحة؟ كما هو المشاهد بالنّسبة إلى الأصول العمليّة الظّاهريّة ، أو نصبه لما يفيد الظّن شأنا لخصوصيّة فيه وإلقائه الظّن الشّخصي رأسا ، وليس ذلك ممّا يستحيله العقل بعد المشاهدة والوقوع في الشّرعيّات مع التّمكّن من تحصيل العلم بالواقع الّذي يكون أولى بالمراعات من زمان عجز تحصيل العلم بالواقع.
والقول : بأنّ نصب غير الظّن الشّخصي في زمان الانسداد بل في زمان الانفتاح وإن كان مجوّزا عند العقل ، إلا أنّ المانع من حكمه بوجوب نصب الظّن على الشارع علمه بنصب غير الظن في الشّرعيات ـ لا مجرّد احتماله حتّى يكون حكمه بالوجوب مشروطا بعلمه بعدم النّصب الّذي لا سبب له في الشّرعيّات بعد إمكانه عقلا ؛ إذ كما أنّ المانع من حكمه الإنشائي على تقرير الحكومة علمه بنصب غير الظّن لا مجرّد احتماله ـ وإلاّ توجّه المنع الّذي أورده بعض المحقّقين على دليل الانسداد : بأنّ انسداد باب العلم وبطلان الرّجوع إلى الأصول جوازا في