الإطلاق للأخبار الحاكمة بالتّخيير إلى دوران الأمر بين التّخيير والتّعيين ، والمشهور المختار الرّجوع فيه إلى قاعدة الاشتغال ، لا البراءة.
ثانيهما : الأصل الأوّلي في الظّن ؛ من حيث إن الشّك يرجع بالأخرة إلى الشّك في حجيّة المرجوح فعلا وإن كان أصل حجيّته الشّأنيّة مفروغا عنها ، وإلاّ لم يقع التّعارض ولا فرق في الرّجوع إلى الأصل المذكور فيما يشك في حجيّته بين القسمين أصلا كما لا يخفى.
ولو قيل بالبراءة في مسألة الدّوران في المكلّف به الشّرعي في المسألة الفقهيّة لم يكن معنى للقول بها في المقام وأمثاله ؛ لرجوع الشّك فيه إلى الشّك في الطّريق.
فإنّه قد يقال : بعدم إمكان الجمع بين الأصلين فإنّ الشّك في مجرى الأصل الثّاني بكلا تقريره مسبّب عن الشّك في كون الظنّ الخارجي مرجّحا ومعيّنا عند الشّارع للرّاجح ، فإذا حكم الشّارع بعدم الاعتناء بهذا الشّك فيثبت في حكمه التّخيير بين الخبرين وجواز الأخذ بالمرجوح فعلا فيرفع الشّك الّذي هو مجرى الأصل الثّاني بكلا تقريريه بحكم الشّارع فلا مجرى له أصلا ، وهذا معنى عدم إمكان الجمع بينهما.
فإن شئت قلت : إنّ الشّك في حجيّة المرجوح فعلا واحتمال تعيّن الأخذ بالرّاجح مسبّب عن احتمال اعتبار الظّن الخارجي في مقام التّرجيح ، فإذا حكمنا بمقتضى الأصل الأوّلي في الظّن بإلقاء هذا الاحتمال وعدم الاعتناء به كما هو