ثمّ إنّ الكلام في ترجيح الصّدور بالظّن الخارجي مفروض فيما إذا انحصر التّصرف فيه ؛ بحيث كان كلّ من جهتي الصّدور والدّلالة مفروغا بأن كانا قطعيّين على ما عرفت الإشارة إليه في التّرجيح به من حيث جهة الصّدور أو الدّلالة ، فإذا كان صدور أحدهما مظنونا بالظّن الشّخصي يكون صدور الآخر موهوما لا محالة على ما فرضنا.
فالأقسام المتصوّرة في « الكتاب » إنّما هي بالنّسبة إلى أدلّة الصّدور والحكم بتصديق المتعارضين ، فلا يتوجّه : أنّ الظّن بصدور أحد المتعارضين بالظّن الشّخصي لا ينافي الظّن بصدور الآخر كذلك ؛ إذ ربّما يقع التّعارض بين القطعيّين من حيث الصدور كالآيتين والمتواترين لفظا.
ومنه ينقدح استقامة ما أفاده قدسسره : من عدم إمكان التّرجيح بالظّن الخارجي إلاّ على القول بحجيّة المتعارضين من باب الظّن النّوعي بصدورهما.
ثمّ إنّ ما أفاده قدسسره : من أنّ مقتضى الأصل الأوّل في الظّن عدم التّرجيح به ، كما أنّ مقتضى الأصل الأوّلي عدم حجيّته (١) قد عرفت توضيح القول فيه.
إنّما الكلام في المقام في الجمع بين الأصل المذكور ، والأصل الّذي تمسّك به للتّرجيح بالظّن الخارجي وهو الوجه الأوّل الّذي يرجع إلى تقريرين :
أحدهما : قاعدة الاشتغال ؛ نظرا إلى رجوع الشّك في المقام بعد فرض عدم
__________________
(١) نفس المصدر : ج ١ / ٦٠٤.