حكم العقل للشّارع وكون مجرّده مانعا عن حكمه فلا يحكم به على التّقريرين.
والّذي يظهر منه : أنّه لم يفرق بين التّقريرين ولم يفهم حقيقتهما فتخيل رجوعهما إلى الإنشاء ، أو لم يفرق في صلاحيّة منع الاحتمال بين الإنشاء والإدراك في وجه.
وبالجملة ؛ هذا الإيراد لا واقع له أصلا ، إلاّ أن يتشبّث بذيل الإجماع وادّعى قيامه على عدم نصب غير الظنّ في الشرعيّات في زمان الانسداد.
فيتوجّه عليه ـ مضافا إلى منعه على وجه ينفع ـ : أنّ مرجع الإجماع المذكور عند التّأمّل بعد تسليمه إلى قيامه على حجيّة الظن عند الانسداد كما هو أحد الأدلّة عند جمع (١) ممّن ذهب إلى حجيّة الظن المطلق منهم : المحقّق القمي قدسسره على ما صرّح به في بعض كلماته ، ولا تعلّق له بدليل الانسداد ولا بالكشف والحكومة ، والكلام كلّه ؛ إنّما هو في نتيجة دليل الانسداد الّذي أقاموه لإثبات حجيّة الظن المطلق فلا مناسبة لذكر الإجماع في المقام.
ومن هنا أمر شيخنا قدسسره بالتّأمّل عقيب الاستدراك بقوله : « إلاّ أن يدّعى الإجماع على عدم نصب شيء آخر ... إلى آخره » (٢).
وثالثا : بأنّه لا يفيد في إثبات المدّعى للمستدلّ به وهو حجيّة مطلق الظّن إلا بعد عدم تماميّة المعيّنات الّتي ذكروها للمهملة وسيجيء تماميّة بعضها فتدبّر.
__________________
(١) منهم العلامة المحقق الفقيه الفاضل المير سيد علي الطباطبائي صاحب الرياض وخاله النّحرير الوحيد البهبهاني وتلميذه السيّد شارح الوافية ، أنظر هداية المسترشدين : ج ٣ / ٣٣٠.
(٢) فرائد الاصول : ج ١ / ٤٦٩.