ولا ينافي ما ذكرنا من وجود القسمين للحكم الظاهري ما اتّفقت عليه كلمتهم من التصويب في الأحكام الظاهرية في الجملة. ألا ترى أن الخبرين المتعارضين المتساويين من جميع الجهات إذا أخذ مجتهد بأحدهما وآخر بالآخر يكون مفاد المأخوذ مع الاختلاف حكما ظاهريّا للآخذ؟ وكذا في دوران الأمر بين الحرمة الوجوب مع تساوي الاحتمالين ، وهكذا.
وبالجملة : ما ذكرنا مما لا إشكال فيه ؛ لأن القول بتوقّف ثبوت الحكم الظاهري في نفس الأمر على العلم بثبوته دوري ، كالقول باشتراط ثبوت الحكم الواقعي على العلم به كما صرّح به العلامة قدسسره في غير موضع من كتبه ؛ حيث إن العلم متأخّر عن المعلوم ، فكيف يتوقّف المعلوم عليه؟
ومن هنا ذكروا : أن اشتراط التكاليف بالعلم ليس على حد اشتراطها بالبلوغ ، والعقل ، والقدرة ؛ فإن المتوقّف على العلم تنجّز الخطابات الواقعية لا وجودها النفس الأمري ، بل ربّما نقول بعدم اشتراط التنجّز بالعلم أيضا فضلا عن الثبوت النفس الأمري ، فإن الجاهل الملتفت إذا ترك الفحص تنجّز عليه جميع الخطابات الواقعية أصولا وفروعا ، ولو عرض له الغفلة بعد الالتفات وترك الفحص.