ولو كان في كلّ بعض ، أو في بعض معيّن واقعا ، غير معيّن عندنا بمعنى احتمال الخصوصيّة في بعض الأبعاض في الواقع مع كونه غير معيّن عندنا ، فلا يصلح مانعا للتّعميم بالمعمّم المذكور ؛ ضرورة مساواة هذا الاحتمال بالنّسبة إلى كلّ بعض فيؤول إلى عدم المرجّح والمعيّن حقيقة.
ثانيهما : بطلان التّخيير ؛ بمعنى كون الحجّة بجعل الشّارع كلّ واحد من الظّنون والأمارات الكافية على سبيل التّخيير ، فيكون كلّ واحد حجّة على سبيل التّخيير والبدليّة ؛ إمّا تخييرا استمراريّا ، أو ابتدائيّا. والثّمرة بينهما ظاهرة ؛ إذ العقل الحاكم بوجوب نصب ما به الكفاية على الشّارع في الشّرعيّات لا يعيّن النّصب على الشّارع على سبيل التّعيين بعد حصول المقصود بالنّصب على سبيل التّخيير فيؤول الأمر بالأخرة إلى الإهمال حقيقة من هذه الجهة ، وليس مرجع التّخيير إلى التّرجيح حتّى يطالب المرجّح ، بل هو في مقابل التّرجيح كما هو ظاهر ، وإن كان اختيار المكلّف يستند إلى مرجّح لا محالة.
ضرورة استحالة تعلّق الإرادة بأحد المتساويين إلاّ أنّه لا يتوقّف على مرجّح شرعيّ ، بل يكفي له المرجّح النّفساني كما هو الشّأن في جميع موارد التّخيير في الأصول والفروع.
ومرجع التّخيير كما عرفت وإن كان إلى حجيّة جميع الظّنون أيضا ، إلاّ أن المدّعى حجيّة كلّ واحد تعيينا فما لم يبطل لم يثبت المدّعى ولم يتمّ المعمّم المذكور.
لكن يمكن إن يقال : إنّ احتمال التّخيير إنّما هو فيما فرض كفاية كلّ واحد من الظّنون على ما عرفت ، وإلاّ لم يحتمل ؛ لأنّ العقل إنّما حكم بوجوب نصب ما