فالمعنى بعد التصرّف في النّسبة أو التقدير ـ ضرورة استحالة تعلّق التكليف بالحكم الشرعي بمعنى كونه مكلّفا به ـ : أن الله لا يكلّف نفسا إطاعة حكم إلا إطاعة حكم أعطاه إلى النفوس فتدلّ على عدم لزوم إطاعة الحكم المجهول. وهذا معنى دلالتها على البراءة في محل البحث.
وهذا مع كونه خلاف الظاهر ؛ من جهة توقفه على التصرّف أو التقدير ـ مضافا إلى منافاته للمورد ـ قد يستشهد له برواية عبد الأعلى المذكورة في « الكتاب » من حيث إن جوابه عن سؤال التكليف النّاس (١) بالمعرفة بقوله : « لا ، على الله البيان » (٢) ظاهر في إرادة الإعلام والبيان من الإيتاء في الآية التي استشهد عليهالسلام بها.
لكنّه ضعيف ؛ من حيث إن المعرفة قبل تعريف الله تعالى ولو بدلالة العقول وإرشادها من الله تعالى ؛ حيث إن العقل حجة باطنيّة من الله تبارك وتعالى غير مقدور فيدخل في المعنى الثاني. ولو أريد من البيان ما يشمل المودّع في النفوس من الله تعالى من الفطرة الجبليّة ، عمّ السؤال المعرفة الإجماليّة مطلقا ، وإلاّ فيحمل على المعرفة التفصيليّة بحسب الطاقة البشريّة.
ويحتمل أن يكون المراد : المعرفة بحال حجج الله تعالى ، ومعلوم : أن
__________________
(١) كذا والصحيح : عن سؤال تكليف الناس بالمعرفة.
(٢) الكافي الشريف : ج ١ / ١٦٣ باب « البيان والتعريف ولزوم الحجّة » ـ ح ٥.