الدنيويّ بمراتب شتّى ـ الذي يدل على سوق الآية لهذا المعنى المبتنى على الحكمة.
مضافا إلى شهادة كثير من الآيات المتّحد معها من حيث المساق كقوله تعالى في سورة القصص : ( وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلاَّ وَأَهْلُها ظالِمُونَ ) (١) ؛ فإنّ ظاهره ـ كما هو ظاهر ـ : أن الحكمة الإلهية اقتضت أن لا يكون الهلاك إلاّ بعد البعث وإتمام الحجّة ، وأن كلّما وقع الهلاك في أنّه من الأمم كان بعد إتمام الحجّة وإن كان الهلاك الواقع فيهم من العذاب الدنيوي كما يشهد له كلمات المفسرين.
قال في « مجمع البيان » ما هذا لفظه : « معناه : وما كنا معذّبين قوما بعذاب الاستئصال إلاّ بعد الإعذار إليهم والإنذار لهم بأبلغ الوجوه ، وهو إرسال الرسول إليهم مظاهرة في العدل. وإن كان تجويز مؤاخذتهم على ما يتعلّق بالعقل مستحيلا فعلى هذا التأويل تكون الآية عامّة في العقليّات والشرعيّات.
وقال الأكثرون من المفسّرين وهو الأصحّ : إن المراد بالآية : أنه سبحانه لا يعذّب في الدنيا ولا في الآخرة إلاّ بعد البعثة ؛ فتكون الآية خاصة فيما يتعلق بالسّمع من الشّرعيّات » (٢). انتهى كلامه رفع مقامه.
__________________
(١) القصص : ٥٩.
(٢) مجمع البيان : ج ٦ / ٢٣١.