صدر الدين : « أن قوله : « كل شيء فيه حلال وحرام » يحتمل أحد معان ثلاثة :
الأوّل : أن كل فعل من جملة الأفعال التي تتّصف بالحلّ والحرمة ، وكذا كل عين ممّا يتعلق به فعل المكلّف ويتّصف بالحلّ والحرمة إذا لم يعلم الحكم الخاص به من الحل أو الحرمة فهو لك حلال ، فيخرج ما لا يتّصف بهما جميعا من الأفعال الاضطرارية والأعيان التي لا يتعلّق بها فعل المكلّف. وما علم أنه حلال لا حرام
__________________
« محصّل هذه الرواية : انّ ما كان حلالا بمقتضى أصل من الأصول لا يمنع من حلّيّته مجرّد الإحتمال ؛ فإن اليد دليل على الملكيّة فلا يعتدّ باحتمال كون الثوب سرقة أو العبد حرّا ، والأصل عدم كون الإمرأة أختا أو رضيعة ، بمعنى انّه لا يعتدّ باحتمال الخصوصيّة باشتمال الكلّي عن صنفين مختلفين في الحكم وإن أوجب احتمال الحرمة ، إلا انّه لا أثر له ؛ لاندفاعه بالأصل ، وهذا معنى هذه الرّوايات فلا ربط لها بما نحن بصدده ، مع أن مجرّد الإحتمال يكفي في فساد الإستدلال ، وليس المراد اشتمال الجزئي الحقيقي على الأمرين ؛ فإنه إمّا يجب الإجتناب عنه وإمّا يجب فيه الخمس ، فالمراد انقسام الكلّي إلى القسمين وكونه منشأ للتّردّد لدوران أمر الموجود الخارجي بين الأمرين.
وأما مجرد احتمال التحريم ودوران الحكم بين الحرمة والإباحة مثلا كما في شرب التتن ، فلا يصدق عليه أنّ فيه حلالا وحراما ، وفرق واضح بين التردّد والتقسيم ، وكونه منقسما اليهما عند الشخص من الأغلاط فإن الشك ليس تقسيما عند الشخص مع أنّ هذا التقييد على تقدير الصحّة جزاف محض لا شاهد عليه ، والإستدلال بمجرّد الاحتمال غلط.
فتبيّن ممّا حقّقناه فساد ما ذكره شارح الوافية وغيره في تقريب الإستدلال » إنتهى.
أنظر محجة العلماء : ج ٢ / ١٠.