وأنت خبير بأن الإيرادين الأخيرين على تقدير ورودهما لا تعلّق لهما بأصل المعنى الذي ذكره الشارح من التقسيم الاحتمالي.
ثم إن الشيء في قوله عليهالسلام : « كلّ شيء فيه حلال وحرام » وإن لم يستعمل في المجهول ، وكذلك الضمير في قوله : « فهو لك حلال » راجع إلى نفس الشيء المنقسم إلى القسمين ، لا إلى المجهول منه ، إلاّ أن الغرض إعطاء الحكم في مورد الجهل بالحرمة ؛ ضرورة عدم إمكان جعل الحلية الواقعية والظاهريّة بإنشاء واحد ، وعدم إمكان أخذ الغاية المذكورة في الرّواية قيدا لهما ؛ لأنّ الحليّة الواقعيّة تعرض الفعل بحسب نفس الأمر من غير مدخليّة لعدم العلم بالحرمة في عروضها له ، بل امتناع مدخليّته فيه ، والحليّة الظاهريّة تعرض الفعل بملاحظة الجهل وعدم العلم بالحرمة ، بل نمنع عروضها له من دون الملاحظة المذكورة ، فالمحمول في قوله عليهالسلام : « فهو لك حلال » لا يمكن أن يحمل على الأعمّ من الحليّة الظاهريّة والواقعيّة ، بل لا بد من أن يحمل على الحليّة الظاهريّة ؛ نظرا إلى الغاية المتعلقّة بها ، فالمرجع هو الشيء المنقسم باعتبار تحقّقه في ضمن الفرد المردّد.
فما في كلام بعض أفاضل مقاربي عصرنا : ( من أن المراد من الشيء هو الكلّي المنقسم إلى القسمين ، والحكم بحليّته على الإطلاق فيما يعلم تحقّقه في النوع الحرام تفيد البيان والتأكيد بالنسبة إلى الحلال المعلوم ) (١) ، لم يعلم له معنى محصّل.
__________________
(١) الفصول : ٣٥٤.