ثمّ إن القائلين بالتحسين والتقبيح العقليّين بعد اتفاقهم على أن للفعل أحكاما أربعة اختلفوا في أن للعقل الحكم بالإباحة أم لا وجعلوا مورد هذا الاختلاف الأشياء الغير الضروريّة المشتملة على المنفعة الخالية عن أمارة المفسدة قبل الاطلاع على حكم الشارع بعد الفحص في مظان وجود الدّليل على الحرمة.
فذهب غير واحد إلى أنّها على الإباحة في حكم العقل ، وبعضهم إلى أنها على الحظر في حكمه ، وآخر إلى أنها على الوقف كالمفيد والشيخ ، بمعنى أنه لا حكم للعقل بشيء من الحظر والإباحة.
وهذا العنوان كما ترى ، إنّما هو بالنظر إلى حكم العقل فلا ينافي التزام القائل بالوقوف الإباحة بالنظر إلى الشرع ، بل التحقيق : عدم منافات القول بالإباحة بالنظر إلى الشرع مع الالتزام بالحظر من جهة العقل بناء على كونه ظاهريّا مبنيّا على وجوب دفع الضرر المحتمل لا واقعيّا.
وبالجملة : لا إشكال في شهادة التتبع في كلماتهم على أنّ الحكم عندهم فيما احتمل حرمته الإباحة ظاهرا ولو من جهة الاستناد إلى أخبارها وإن كانوا يذكرون الاحتياط في مقام الاستدلال تأييدا في مطلق الشبهة الحكمية. ومن هنا نسب إليهم القول بالاحتياط من دون تأمّل في باقي كلماتهم. ومن هنا احتمل كون نسبة « المحقّق » القول بالاحتياط إلى جماعة ، مبنيّا على ما ذكر ؛ حيث قال في